بين الأيقونة المثالية والضحية المثالية

وحدة البحث والتوثيق

ينظر العالم إلى النساء السودانيات كرموز تُناسب الاحتفاء وسرديات الصمود، لا كحيوات تستحق أن تُعاش. يُحتفى بهن كأيقونات للثورة والمقاومة، بينما تُغفل حقيقة أن لهن حيوات تستحق أن تعاش كاملة، حيوات تستحق الكرامة، والرعاية، والاستمرار.

كيف يجب أن ننتظر الجريمة واللحظة الأفضل لضمان الالتفات.

“حليمة ادريس، دهسها تاتشر تابع للدعم السريع أثناء عملها في التغطية الاخبارية في الخرطوم امدرمان 10 أكتوبر 2023”.

“مهجة عبدالله، اغتيلت برصاصة قناص في مراسم عزاء والدتها في مخيم كلمة، بعد ان تلقت تهديدات جراء عملها في التوثيق.26 أكتوبر 2023”

نفكر عبر طرح الأسئلة الصعبة والغير مريحة..والتي قد تقودنا للمقارنات

ولكن الخشية أصبحت متاريسا للتساؤل

على منصات التواصل، تتحوّل النساء السودانيات إلى أيقونات جاهزة للاستهلاك؛ يُرفعن كرموز للصمود والثورة حين يتوافق الأمر مع الأهواء السياسية، ويُسكت عن وجعهن حين يخرج عن السردية المرغوبة. يُشرّع التضامن حين يُناسب، وتُمنح الشهادة أو تُلغى بحسب مزاج اللحظة. تُختزل المقاومة في صور وشعارات، بينما تُترك الحيوات الفعلية خارج الكادر، مثقلة بالسياقات التي لا تجد من يصغي إليها.

خبر عابر “هنادي” 13 ابريل “و فردوس” 18 ابريل، قتلت طبيبتان  في العدوان على معسكر زمزم و ابو شوك”

“تم دفن أكثر من 50 شهيد ، ماتوا عطشا في الطريق بين شقرة وكوين ، معظمهم من الأطفال وكبار السن . 16 أبريل”

لنطرح السؤال…عن شرعية السردية

متى يستحق السودانيات/ين التضامن، متى نتصدر عناوين الأخبار.

 خبر بلا مصدر “انتحرت 130 فتاة في الهلالية، خوفا من الاغتصاب”

لنحصر العدوان فقط على أجساد النساء، أو لنطرح سردية الموت مقابل الدفاع عن الشرف، لندفع بالنساء للموت بدل الاعتراف بعجز المؤسسة العسكرية عن حمايتهن!

لنتجاهل تماما الحديث عن العدوان الممنهج بالوكالة، والعنف الجنسي كاداة للتهجير القسري، باغتصاب النساء والرجال والاطفال.

لحصر الحرب في انتهاك مفضل للاخبار، تناسي الأزمة الجيلية وخروج جيل كامل من النظام التعليمي، وتدريب الطلاب على السلاح، هدم البنية التحتية ومراكز الأبحاث.

“دمر الدعم السريع أهم مراكز البحوث الزراعية في السودان “مركز بحوث شمبات – مركز بحوث الجزيرة”

“9 مليون شخص خارج دائرة الإنتاج بسبب توقف العمل في الزراعة، بسبب صعوبة الوصول للأراضي والحصول على المواد”

“وأسفر التدهور السريع في الأمن الغذائي بالسودان عن وصول 755 ألف شخص إلى أوضاع كارثية، وشمل خطر المجاعة 14 منطقة، إذ يكابد قرابة 25.6 مليون شخص مستويات عالية من الجوع الحاد”

“أظهرت رسائل متبادلة بين مسؤولين إماراتيين ولجنة الأمم المتحدة  اطلعت عليها رويترز أن المحققين يواصلون فحص دور الإمارات في النزاع في السودان، كما أظهرت رفض السلطات الإماراتية تزويد محققي الأمم المتحدة بقوائم شحنات لـ15 رحلة جوية انطلقت من مطارات إماراتية وهبطت في مطاري أم جرس وانجامينا في تشاد”

بمنهجية مدروسة وبدم بارد، يمضي الدعم السريع في اغتيال الأطباء وتدمير ما تبقى من البنية التحتية الصحية ليس عبثًا، ولا مصادفة.

فهو يدرك تمامًا أن لا حياة بلا دواء، ولا نجاة بلا رعاية.

بعد أن جرّب الحصار، ووجّه نيرانه إلى المستشفيات، ها هو اليوم يلاحق من تبقى من الأطباء\الطبيبات.

“بعد أربعة أيام من اندلاع الحرب.نقابة اطباء السودان: خروج 39 مستشفى عن الخدمة من أصل 59 مستشفى في العاصمة وماحولها”

“تم تشغيل قسم النساء والتوليد “السعودي” في مايو 2023، ليتعرض مباشرة للاستهداف في 22 يناير 2024، 13 ديسمبر  قصف الدعم السريع المستشفى بالمسيرات والصواريخ، تتوالى الهجمات وتقام العمليات بضوء “كشاف” التلفونات. في 10 يناير 2025، تعرضت سيارة إسعاف تابعة لأطباء بلا حدود في الفاشر لإطلاق نار أثناء نقل مريضة في حالة مخاض من المستشفى الميداني التابع لأطباء بلا حدود في مخيم زمزم إلى المستشفى السعودي في الفاشر، ولحقه تدوين بطائرة مسيرة في 27 يناير للمستشفى السعودي ادى لمقتل 70 امرأة وطفل”

“توفيت الدكتورة هالة عثمان السنوسي الباحثة الاجتماعية والاستشارية النفسية ومديرة قسم الصحة النفسية بالمستشفى السعودي-الفاشر بالمرض بعد نزوحها لطويلة في 21 أبريل.”

“مقتل الطاقم الطبي من منظمة الإغاثة الدولية Relief العامل في المركز الطبي بمعسكر زمزم للنازحين بعد هجوم غادر من مليشيا الدعم السريع، بجانب ٤ أفراد بينهم سائقين وموظفين لدى المنظمة”


“مقتل 31 مدني في صالحة، اعدامات ميدانية نفذها الدعم السريع بحجة الاستخباراتية مع الجيش”

“د. أحمد المعتصم خريج كلية الطب جامعة نيالا، يعمل بمنظمة ريليف، اعتقلته قوات الدعم السريع مع عدد من أعضاء المنظمة بالفاشر، الأحد 27 أبريل”

“المركز الوحيد في العالم لأبحاث المايستوما (الورم الفطري)، وهو مرض مداريّ مُعدٍ يصيب خصوصًا الفئات المحرومة، قد دُمّر في الخرطوم بالسودان بسبب الحرب في العاصمة الخرطوم ودمر الدعم السريع بنكا بيولوجيا يضم ابحاث 40 عاما”

“التفتيش على سرير عناية مكثفة في امدرمان، زي السمسرة في قطع الأراضي، كان لقيت سرير مابتلقى اكسجين وكان لقيت مافي كهرباء. 18 أبريل”

الجميع يقتلون طرفا واحدا، اما بالاعدامات، او القصف والمعارك في “حيشان” الحلة وداخل معسكرات للنازحين من الحرب منذ عشرين عاما.

“ضحى شعيب، 21 عاما، اعتقلتها استخبارات الجيش بداية العام من دار ايواء، بعد ان حوصرت برفقة عائلتها في مناطق حرب، بتهمة التعاون مع الدعم السريع، تواجه ضحى تهم اثارة الحرب ضد الدولة، ومصير الاعدام. تأجلت جلسة المحاكمة بسبب غياب الشهود والقاضي المسؤول!!”

“هدد فرد نظامي بوادي حلفا، بتفجير مدرسة، كردة فعل على مشكلة بين طالب وابنه.22 ابريل”

كيف يُسرق تاريخ أمة على مرأى من العالم؟

وكيف يغضّ العالم أجمع طرفه خجلًا وتواطؤًا حين تكون الاتهامات موجهة نحو الإمارات العربية المتحدة؟

عامان، والدعم السريع يرتكب المجازر بدعم عسكري ولوجستي معلن وموثق بالصور والفيديوهات، دون أن يُحرّك المجتمع الدولي ساكنًا.

عامان من الصمت، حتى قاوم السودان وشعبه، الجريح والمنكوب، أن ترفع أصواتهم وتتهم: نعم، الإمارات شريكة في الإبادة الجماعية والعدوان الممنهج.

الإمارات نصبت رادارًا إسرائيليًا متقدمًا في بونتلاند الصومالية لحماية مطار بوصاصو من هجمات محتملة عبر الطائرات المسيّرة والصواريخ، وذلك في إطار دعمها اللوجستي لقوات الدعم السريع السودانية عبر عمليات نقل أسلحة متكررة.”

في نون نعلم أن كل صوت وتجربة وتنهيدة، تساوي حياة كاملة من الحرب والاحلام، لدينا وعي حزين بعدم الامكانية لقول كل ما يحدث، لكن لن نتسامح في الاختيار “الانتقائي” للحرب، لن نتسامح في جندرة الحرب وايقنة شهدائنا وشهيداتنا، معتقلينا ومعتقلاتنا دون ذكر السياق الكامل.

لن نساوم على وجعنا، ولن نغفر لمن يسعى لتجميل الإبادة وفق مصالحه.

لن نسمح بأن تُؤيقَن نساؤنا، ويُختزل نزيف شعبنا، ليتماشى مع أهواء البعيدين عنا (لزيادة الوصول او لاكمال اهداف مشاهدة الشهر) أولئك الذين لا يعرفون من معاناتنا سوى ما تبوح به كلماتنا، أو ما تلتقطه عدسات العابرين.

هذا واقعنا، وحقنا، وذاكرتنا، ونحن وحدنا من يملك الحق في روايته وتحديد ملامحه.

من الإهانة العميقة أن تُختزل حرب السودان، والعدوان الممنهج والاحتلال الذي تقوده الإمارات عبر تجنيد 16 دولة — حتى الآن — في عبارات “تثير التضامن” وتُجمّل الجريمة.

من المهين أن يُغضّ الطرف عن جسامة ما يجري، فقط لأن معاناة السودانيين لا تليق بسياق “الأيقونة” و “الريتش”.

حياة الفرد، تعليمه، جوعه، جسده، ثورته، نضاله، وندوبه المتكررة كلها مهمة، حتى إن لم تصلح لصورة مثيرة أو قصة بطولية مُعدّة للتداول كفيلم ومسرحية.

انها حرب على البشر، لا على الرموز، ولن نسمح بتبسيطها أو تسليعها.

” 9 مارس، تقتحم مليشيا الدعم السريع مدينة الخوي بغرب كردفان، وحرقت منزل مواطن واغتالت 7 مواطنين وأصيب 23 آخرون. 30 مارس اقتحمت المليشيا المدينة واعتدت على المواطنين ونهبت السوق. 3 مايو، أحرقت مليشيا الدعم السريع قرية السردابة التابعة لريفي حامد المتاخمة لمدينة الخوي، بعد مطاردتها للواء 18 المنسحب من النهود.”

“بعد أن سقطت النهود في 2 مايو في يد الدعم السريع، وانسحاب اللواء 18 من المدينة، 3 مايو، قتلت المليشيا 300 مواطن، من بينهم 15 امرأة و21 طفل. بينهم ائمة مساجد وتجار واساتذة ومراسل صحفي،  ونهبت الأسواق ومستشفى النهود التعليمي وأطلقت سراح السجناء”

“الفاشر، في 28-4-2025، تواجه حربها رقم (208) في مواجهة حصار الدعم السريع الإماراتي، توقفت التكايا بسبب القصف المدفعي المتواصل نهارا ومساء”

“مقتل 31 صحفيا منذ اندلاع الحرب في السودان، كما رصدت نقابة الصحفيين 556، من بينهم 239 حالة اعتقال واحتجاز، وفرار أكثر من 500 صحفي خارج السودان”

“تضرر 70% من مرافق المياه في 13 ولاية سودانية من أصل 18 ولاية”

“3 مايو، قصف الجيش مطار نيالا الدولي، منها مهبط بعثة الامم المتحدة والاتحاد الافريقي، استهدافا للدعم اللوجيستي الذي يصل للدعم السريع عبر المطار من 21 سبتمبر 2024”

“4 مايو، مسيرات تابعة للدعم السريع تستهدف قاعدة عثمان دقنة الجوية في مطار بورتسودان، اخبار عن أضرار طالت أبراج المراقبة وصالة الركاب”

“28 أبريل، اعدم الدعم السريع 31 مواطن في الصالحة-امدرمان. من بينهم أطفال وأئمة مساجد وعمال ومتطوعين”

“25 أبريل السماني فقد جميع افراد اسرته، طفلته مآب السماني وأشقائها ووالدتهم، مقتل 11 شخص بينهم 5 من أسرة واحدة وإصابة 22 آخرين جراء استهداف مسيرة للدعم السريع لمعسكر نازحين بعطبرة”

أفاد متحدث باسم الإدارة العليا في مخيم زمزم بولاية شمال دارفور، الأحد، بوجود مئات الجثث في طرق ومنازل المخيم دون أن تُدفن منذ اجتياح قوات الدعم السريع قبل ثلاثة أسابيع”

 في مدينة كادوقلي شمال كردفان، يبلغ عدد السكان الان 1.137.599 فرد،  تشمل أكثر من 4000 لاجئ مشرد، وعدد 2.143 أسرة نازحة من الخرطوم، وعدد 370 أسرة نازحة من الريف الشرقي، عدد 268 اسرة من القرى، المجاورة، 325 أسرة من دولة جنوب السودان، وعدد 189.566 اسرة من المجتمع المستضيف، وعدد أكثر من 2000 طفل يعانون من سوء التغذية ونقص حاد في الغذاء الرئيسي. اعتقلت الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش في 3 مايو 3 متطوعين من غرفة الطوارئ بعد مضايقات عديدة”

من الصعب مجاراة ما يحدث، كل يوم نكبة، ننام على مجزرة، ونستيقظ على توقعات مجزرة ونقضي أيامنا الثقيلة في تحليل كل الطرق التي نموت بها، دون أن يلتفت العالم.

مصادر : 

رادار اسرائيلي بواسطة الامارات

https://hiiraan.com/news4/2025/Apr/201262/revealed_uae_deploys_israeli_radar_in_somalia_under_secret_deal.aspx

الحرب بولاية الجزيرة السودانية قد تطال بنك الجينات النباتية | اقتصاد

كيف أثرت حرب السودان على القطاع الزراعي في البلاد؟ | اقتصاد | الجزيرة نت

حرب السودان.. أكثر من عام على تراجع المساحات الزراعية | علوم | الجزيرة نت

حملة دولية لمنع تهريب وبيع الآثار السودانية – سودان تربيون

سرقة عشرات الآلاف من القطع الأثرية من المتحف السوداني

مقتل الطبيبة والإغاثية فردوس الطيب موسى، وذلك أثناء توجهها لعلاج المرضى في معسكر “أبو شوك” للنازحين بالفاشر

استهداف مركز للنازحين في عطبرة

مآب ، طفلة في المرحلة الابتدائية قتلت مع كامل افراد اسرتها في استهداف مسيرات الدعم السريع

محامو الطوارئ يطالبون بانقاذ الطالبة ضحى شعيب عقب اعتقالها من دار إيواء النازحين في امدرمان – اخبار السودان

السودان ، العام الثالث من الحرب

قتل وانتهاكات ونزوح.. شهادات مروّعة من مخيم زمزم بالفاشر | أخبار | الجزيرة نت

طبيب معتقل

اطباء بلا حدود – استهداف اسعاف

الدكتورة هالة عثمان السنوسي

تقارير عن مقتل 4 أطفال وإصابة 3 آخرين في هجوم على المستشفى السعودي بمدينة الفاشر في شمال دارفور بالسودان

مجزرة الصالحة صدمة سودانية جديدة واتهامات للدعم السريع بارتكابها | أخبار | الجزيرة نت

تنسيقية لجان مقاومة الفاشر

بيم ريبورتس و دور الامارات

ارتفاع ضحايا الدعم السريع في «النهود» بغرب كردفان إلى 300 قتيل مدني – سودان تربيون

31 Sudanese Civilians Executed as RSF Tightens Control in Omdurman

اغتيال 7 مواطنين في الخوي

احراق قرية السردابة

تشييع مواطنيين قرية السردابة

ضربات مسيّرة على بورتسودان وسلطات المطار تُعلّق الرحلات – سودان تربيون

«نقابة الصحفيين»: مقتل 31 صحفيًّا في السودان منذ بدء الحرب – سودان تربيون

متحدث: مئات الجثث في طرق ومنازل «زمزم» لم تُدفن رغم مرور ثلاثة أسابيع – سودان تربيون

غرفة طوارئ كادوقلي للمساعدات الانسانية

استكشاف المزيد

رَسائِلُ عَالِقَةٌ فِي حَرْب

عزيزي، الحربُ مصيبة، بل هي أشدُّ مصائبِ الحياةِ وأكثرُها إيلامًا. منذ أشهرٍ، استيقظتُ على صوتِ الحربِ من جديد، بعد نُزُوحي من الخرطوم إلى بيتِ العائلةِ في مدينةٍ أخرى اسمها (مَدَنِي)، والتي وصلتْها براثنُ الحربِ أيضًا. مُؤسِّسُ المدينةِ هو جدي (وَدْ مَدَنِي السُنِّي)، ففيها نشأتي الأولى، وعائلتي المُمتدّة، لذلك كان نُزُوحي

أكمل/ي القراءة

ألفُ سماءٍ وألفُ جزيرة

تُطلّ نافذتي على السماء، فتبدو النجومُ أقربَ إليّ من لُقياك. أستلقي على جانبي الأيمن، أنظر من النافذة نحو النجوم؛ أستمرّ في التحديق لساعات، حتى إنني أحيانًا أسهرُ حتى شروق الشمس، في انتظار شهابٍ يُحقّق لي أمنية. لكن، ماذا لو أنّها أمنيةٌ عصيّة؟ منذ قليلٍ، رأيتُ شهابًا، لكني لم أستطع أن

أكمل/ي القراءة