منذ اندلاع الحرب في السودان بين القوات المسلحة السودانية و مليشيا الدعم السريع، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كفاعل إقليمي رئيسي ليس فقط على مستوى التمويل والدعم السياسي، بل أيضًا كمُنتِج لسرديات إعلامية تُعيد تشكيل صورة الصراع السوداني في المخيلة الإقليمية والدولية. فالإمارات، ومعها شبكات إعلامية مرتبطة بها مباشرة أو عبر تحالفها الوثيق مع إسرائيل، تلعب دورًا مركزيًا في ترويج رواية تعتبر الجيش السوداني تهديدًا إرهابيًا ذا صبغة إسلامية، في مقابل تبييض وجه مليشيا الدعم السريع التي ارتكبت أفظع الجرائم بحق المدنيين في دارفور والخرطوم وغيرها من ولايات السودان التي ترزح تحت وطأتها.
واحدة من أبرز السرديات التي تسوّقها الإمارات، وتعيد تكرارها وسائل الإعلام الموالية لها أو المتحالفة مع إسرائيل، هي ربط الجيش السوداني بـ”الإسلام السياسي” وتقديمه كامتداد لتنظيمات إسلامية متطرفة كالإخوان المسلمين أو حتى القاعدة. هذا التشويه المتعمد يتجاهل الطبيعة المعقدة والمؤسسية للجيش السوداني، ويُغفل دوره كجزء من الدولة السودانية التي طالما سعت، وإن تعثرت، إلى الحفاظ على سيادة البلاد. بالمقابل، يجري تصوير الدعم السريع، برغم كونه مليشيا نشأت من بقايا الجنجويد سيئة الصيت، كقوة “علمانية” أو “مدنية”، وهو توصيف لا يمت للواقع بصلة، وإنما يعكس مدى توظيف السرديات الإعلامية لخدمة أجندات جيوسياسية.
ما يحدث اليوم هو أكثر من مجرد تشويه إعلامي، إنه إعادة هندسة للسردية السياسية عن السودان بما يخدم تحالفًا إقليميًا متينًا بين الإمارات وإسرائيل. في هذا التحالف، يُنظر إلى الإسلاميين – سواء كانوا جزءًا من الدولة أو المعارضة – كعدو مشترك، يُستخدم كفزاعة لتبرير أي شكل من أشكال التدخل. وبالتالي، فإن تقديم الجيش السوداني كتهديد إسلامي، يسمح لهذا المحور بترويج فكرة أن ما يجري في السودان هو معركة ضد الإرهاب، لا حرب نفوذ بين مليشيا خارجة عن القانون وجيش دولة.
هذه السردية تُمهد الطريق أمام خطوات مستقبلية خطيرة، إذ تبرر التدخل العسكري المباشر أو غير المباشر، أو فرض ترتيبات أمنية تحت غطاء “مكافحة الإرهاب”. بل ويمكن لهذا الخطاب أن يُستخدم لاحقًا لتبرير نشر قواعد عسكرية، أو تنفيذ ضربات جوية، أو فرض مراقبة استخباراتية موسعة على السودان، وكل ذلك باسم محاربة الإسلاميين، دون أي اعتبار للواقع المعقد أو السيادة الوطنية السودانية.
على المستوى الإعلامي، لا يمكن إغفال الدور الذي تلعبه مؤسسات مثل “سكاي نيوز عربية” و”العربية” و”جيروزاليم بوست”، التي باتت منابر لنشر تقارير تُشيطن الجيش السوداني وتلمّع صورة الدعم السريع. تقارير تتحدث عن “تغلغل الإسلاميين داخل الجيش”، و”خطر إعادة إنتاج نظام البشير”، بينما لا تأتي على ذكر الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها ميليشيا حميدتي بحق السودانيين/ات، ولا عمليات النهب والاغتصاب الجماعي، ولا الجرائم الموثقة من منظمات أممية ضد الدعم السريع.
إن استخدام هذا النموذج الدعائي ليس جديدًا، بل يُعيد إنتاج سرديات “الحرب على الإرهاب” التي وظفتها قوى كبرى مثل الولايات المتحدة لتبرير تدخلاتها في العراق وأفغانستان. اليوم، تعيد الإمارات تطبيق النموذج ذاته في السودان، ولكن بأدوات إقليمية وتحالفات جديدة، حيث تُستبدل “القاعدة” و”داعش” بالجيش السوداني، ويُستبدل المشروع الأمريكي بالمشروع الإماراتي-الإسرائيلي المشترك، الذي يسعى للسيطرة على الموانئ، وإعادة رسم الخرائط، والتحكم في ممرات التجارة والنفوذ في البحر الأحمر وشرق أفريقيا.
فعلى الرغم من تزايد الأدلة الإعلامية والتحقيقات الحقوقية التي توثق الدور التخريبي للإمارات في السودان، تُظهِر المواقف الغربية انقسامًا بين صمت محرج من بعض الدول وتواطؤ فعلي من دول أخرى، وذلك في إطار الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية مع أبوظبي. بعض القوى الغربية، مثل بريطانيا وألمانيا، عبرت عن انزعاجها من دعم الإمارات لمليشيا الدعم السريع بعد تقارير إعلامية من مصادر موثوقة مثل BBC وCNN وFinancial Times وWashington Post، التي أكدت تورط أبوظبي في إرسال أسلحة وتمويل مالي ولوجستي لمليشيا الدعم السريع. ومع ذلك، لم تُترجم هذه المواقف إلى إجراءات دبلوماسية حقيقية أو عقوبات مباشرة، وذلك بسبب رغبة الغرب في الحفاظ على تحالفاته الخليجية وسط التنافس مع روسيا والصين، بالإضافة إلى الاعتماد الأمني والاستخباراتي على الإمارات في قضايا تتعلق بالإرهاب والطاقة، والخشية من زعزعة الاستقرار في البحر الأحمر والقرن الإفريقي حيث تلعب الإمارات دورًا استراتيجيًا في موانئ وممرات حيوية. في المقابل، تقوم دول مثل فرنسا والولايات المتحدة بتقديم الدعم السياسي والاقتصادي للإمارات رغم الأدلة المتزايدة على تورطها في جرائم ضد الإنسانية في دارفور والخرطوم على يد مليشيات الدعم السريع، ويتجلى هذا التواطؤ في استمرار صفقات السلاح والشراكات التجارية مع الإمارات دون مساءلة، وتجاهل وجود شركات تعمل من دبي لغسل أموال الذهب السوداني المنهوب، وعدم إدراج الإمارات في تقارير العقوبات أو المراقبة، رغم تورطها في دعم ميليشيات متهمة بارتكاب جرائم مثل الاغتصاب الجماعي والتطهير العرقي.
وعلى الصعيد الآخر، من الجانب السوداني، تُبنى السردية على الاعتقاد الراسخ بأن الإمارات هي طرف ضالع في النزاع السوداني. تشير العديد من الأطراف السودانية إلى دعم الإمارات للميليشيات والأطراف السياسية المتورطة في الحرب الحالية، حيث يُنظر إليها كداعم رئيسي في تأجيج الصراع. التقارير الإعلامية والشهادات الميدانية توثق دور الإمارات في تمويل واحتضان ميليشيا الدعم السريع. في هذا السياق، يتم تصوير الإمارات كفاعل أساسي في دعم هذا الصراع، مما جعل قطاعات واسعة من الشعب السوداني، خاصة النشطاء والمجموعات المدنية، تنبذ السردية الإماراتية بشكل كامل وتعتبرها جزءًا من المخطط التدميري.
هذا الرفض الشعبي يتجسد في تزايد الوعي المقاوم، حيث يرى الغالبية من السودانيين، بما في ذلك الشباب والسياسيين المعارضين للحرب، أن دور الإمارات لم يعد مجرد دعم غير مباشر بل أصبح شراكة كاملة في الجريمة.
تقارير الإعلام تؤكد تورط الإمارات في إرسال الأسلحة وتمويل المليشيات، ما يعزز قناعة الشعب بأن الإمارات مسؤولة عن إطالة أمد الحرب وتغذية الفوضى. وقد انعكس هذا الوعي في مبادرات شعبية مثل حملة “مقاطعة المنتجات الإماراتية”، التي تدعو إلى محاسبة الإمارات وقطع العلاقات معها، وتسميها كـ”قوة استعمارية جديدة تموّل القتل وتغلفه بالمساعدات”. كما ظل الموقف الرسمي السوداني مترددًا لفترة طويلة، رغم التصريحات الواضحة التي اتهمت الإمارات علنًا بدعم الميليشيات، مما أثار استياءً واسعًا في الشارع السوداني، الذي كان يتوقع إجراءات دبلوماسية حاسمة.
وبينما تقدم الحكومة السودانية الآن على قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات بعد الهجمات الإرهابية في بورتسودان، فإن هذا القرار جاء متأخرًا، بعد شهور من الدعم الإماراتي المكشوف للدعم السريع. ذلك التأخر سلط الضوء على ازدواجية واضحة في المشهد السياسي السوداني، بين سردية شعبية متقدمة ترى في الإمارات فاعلًا تخريبيًا وتطالب بقطع العلاقات والمحاسبة، وسردية رسمية مترددة لا تواكب تطلعات الشعب السوداني. ورغم القرار الأخير بقطع العلاقات، ما زالت مطالب الشعب السوداني قائمة في أن تُترجم الحكومة هذا الموقف إلى سياسات خارجية جريئة تتماشى مع تحديات السودان الداخلية والإقليمية.
إن حرب السرديات هذه تترك آثارًا كبيرة على الواقع السوداني، مما يزيد من تعميق الأزمة الحالية. ويمكن النظر إلى أن هذه الحرب الإعلامية قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الوضع في السودان، أبرزها تشتيت الانتباه عن القضايا الوطنية وتعميق الانقسام السياسي؛ فإستخدام سرديات موجهة يعيق التركيز على القضايا الإنسانية والاقتصادية الحقيقية، ويؤخر أي مسار نحو السلام أو العدالة الانتقالية. إن تباين هذه السرديات يؤثر بشكل كبير على قدرة السودانيين على التركيز على قضاياهم الداخلية الهامة في ظل النزاع، مثل تداعيات انتشار المليشيات داخل البلاد مستقبلاً، ومعوقات تحقيق الاستقرار الداخلي. وبدلاً من توحيد الجهود المحلية والإقليمية لإيجاد حلول سلمية للأزمة، تتسبب هذه السرديات المتناقضة في تشتيت الانتباه عن القضايا الرئيسية.
ومن جهة أخرى، فإن التصورات المتباينة حول الدور الإماراتي تعمق الانقسامات داخل الساحة السياسية السودانية، حيث يتراشق الفرقاء السياسيون بالاتهامات حول من يدعم الإمارات ومن يعارضها. هذا التشرذم لا يخدم سوى القوى الخارجية التي تستثمر في حالة الانقسام، ويعقد عملية بناء استراتيجية موحدة لمواجهة الحرب ووضع حد لنزيف الدولة السودانية.
تعمد الإمارات إلى استخدام المساعدات الإنسانية والدبلوماسية كأداة لتحسين صورتها في السودان، حيث تموّل مشاريع إغاثية في مناطق النزاع وتروّج لدعمها للسلام، بينما تُخفي في الواقع علاقاتها العسكرية والمالية بمليشيا الدعم السريع. تُستخدم هذه الأنشطة كغطاء للتملص من مسؤولية دورها في تأجيج الصراع، وتقديم نفسها كوسيط محايد، رغم أن الأدلة الميدانية تشير إلى خلاف ذلك. وفي هذا السياق، تسعى الإمارات لتسويق سردية “الحياد” عبر تصريحات إعلامية مدروسة وجهود دبلوماسية مكثفة، غير أن هذه السردية تُقابل برفض واسع داخل السودان، حيث يرى كثيرون أنها تمثل تمويهًا لسياسات تدخلية تخدم مصالح استراتيجية ونفوذًا جيوسياسيًا، مما يفاقم انعدام الثقة ويُعمّق الانقسامات الداخلية.
تعمد الإمارات بشكل أساسي إلى تشويه الفضاء العام لوسائل التواصل الإجتماعي السودانية، وذلك عن طريق استمالة المؤثرين، و مثال علي ذلك ما رأيناه في فعاليات مدعومة إماراتيا مثل حفل بوابة السودان، هذا بالإضافة إلى المنصات المتعددة على وسائل التواصل الإجتماعي و من أبرزها منصة “الإمارات تحب السودان” و التي تهدف إلى الترويج للصورة الملائكية للدور الإماراتي،والتي بدأت منذ بداية ارتباط اسم المليشيا بالإمارات، كما تعمل هذه المنصات أيضا على حرف مسار النقاشات العامة على هذه المواقع وذلك عن طريق “إثارة الجدل” ، و لكن رغم الاستخدام المتقدم للأدوات الرقمية من قبل الإمارات في حملات التضليل الإعلامي، إلا أن هذه الاستراتيجية بدأت تواجه مقاومة متزايدة من قبل الفاعلين الإعلاميين السودانيين. فقد أصبحت المنصات الإعلامية المستقلة، بالإضافة إلى الشهادات الميدانية الحية التي يقدمها الناجون من النزاع، أدوات فعّالة في كشف زيف السرديات المدعومة خارجيًا. الفضاء السوداني و ناشطي المجتمع المدني يجاهدون لإعادة بناء الرواية السودانية الأصيلة التي تعكس المعاناة والتحديات اليومية للمجتمعات المتأثرة بالحرب. بالإضافة إلى ذلك، نشأت موجة من المقاومة الإعلامية التي تهدف إلى تعرية الحقائق المخفية خلف الحملات الدعائية الموجهة.
في هذا السياق، ظهرت حملات شعبية واسعة في السودان تدعو إلى مقاطعة المنتجات والمؤسسات الإماراتية، خاصة تلك التي تعمل من خلال وكلاء سودانيين أو شركات محلية تابعة لواجهات أجنبية. هذه الحملات تحمل رسالة قوية باعتبارها أداة ضغط اقتصادي ووسيلة مقاومة مدنية وأخلاقية. من خلال استخدام وسوم مثل #قاطع_الإمارات و#الإمارات_تمول_القتل، تمكّن المواطنون السودانيون من التعبير عن رفضهم للتدخل الإماراتي وتجاوزها للصورة الإنسانية التي تحاول الإمارات تسويقها، بينما الشعب السوداني يعاني في معسكرات النزوح من آثار القصف والقتل والاغتصاب الذي تمارسه المليشيات المدعومة من الإمارات.
إن المقاطعة لم تكن مجرد رد فعل عاطفي، بل أداة مقاومة سلمية تهدف إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية. أولاً، تحاول هذه الحملات الضغط على الإمارات دوليًا لوقف تدخلاتها العسكرية والاقتصادية في السودان. ثانيًا، تسعى إلى تقويض مصالح الإمارات الاقتصادية في السودان، خاصة في القطاعات الحساسة مثل الاتصالات والطيران والبنوك. ثالثًا، تهدف إلى فضح التناقضات بين الخطاب الإنساني الذي تروج له الإمارات ودعمها السري للمليشيات المسلحة التي تتسبب في مزيد من الفوضى والدمار في السودان. وأخيرًا، تسعى هذه الحملات إلى استعادة أدوات النضال المدني، من خلال توظيف الحملات الرقمية لمحاسبة الناشطين والمتعاونين مع الإمارات وكشف تواطؤهم في الجرائم التي تمارس ضد الشعب السوداني.
من خلال هذه الحملات، يُظهر الشعب السوداني مقاومة شديدة لمحاولات الإمارات تبييض صورتها على حساب دماء المدنيين السودانيين، كما يعكس التزامه الثابت بمواصلة النضال ضد التدخلات الأجنبية التي تساهم في تعميق الأزمة السودانية وتغذي النزاع القائم. هذه المقاومة الشعبية، تؤكد على قدرة الشعب السوداني على مواجهة الحملات الدعائية، وإعادة بناء سرده الخاص حول قضيته الوطنية، وبالتالي استعادة سيادته والوقوف في وجه القوى الإقليمية التي تحاول استغلال الأزمة لتحقيق مصالحها.
إن ما يجري في السودان ليس مجرد صراع عسكري، بل هو أيضًا نموذج خطير لحرب سرديات تتصارع فيها قوى إقليمية، وعلى رأسها الإمارات، لتوجيه الرأي العام والتأثير في مسارات الحل السياسي، مستخدمة أدوات رقمية وإعلامية ناعمة لتلميع دورها وتضليل الواقع. هذه السرديات تُستخدم كأداة استراتيجية بيد دول لا ترى في شعوب المنطقة سوى وقود لمشاريعها التوسعية، بينما يظل الصمت الدولي أمام هذا التشويه المنهجي مدعاة للقلق، خصوصًا مع تصاعد الدعوات الغربية لاستهداف السودان بذريعة “الإرهاب الإسلامي”، وهي ذريعة لم تأتِ من فراغ، بل صُنعت بعناية في غرف تحرير متحالفة مع المال والنفوذ، لا مع الحقيقة. وفي قلب حرب السرديات هذه، تقف السردية السودانية، رغم القمع والظروف الصعبة، في مواجهة الهيمنة الإعلامية التي تسعى لتحويل الضحية الى جاني، والجاني إلى “شريك سلام”. من هنا، يصبح امتلاك الحق في السرد واحدًا من ميادين المقاومة السودانية، وضرورة لتفكيك السرديات المضللة وكشف دوافعها، ليس فقط لحماية السودان من مشاريع التدخل والاستنزاف، بل أيضًا للدفاع عن حق شعوبه في سرد روايتهم ورؤية واقعهم كما هو: صراع على السلطة والثروات، تُحركه تحالفات إقليمية وتُغلفه دعايات خادعة.
المصادر:
https://www.bbc.com/arabic/articles/cn5x06pxy2no
https://www.bbc.com/news/articles/cly1ygvxvq3o
https://www.npr.org/2025/05/06/nx-s1-5388297/port-sudan-attacks-civil-war
https://www.aljazeera.com/news/2025/5/6/explosions-huge-fire-in-sudanese-city-of-port-sudan
https://www.instagram.com/emirateslovessudan/?hl=ar
https://www.tagpress.net/140711/شركات-تجارية-ورجال-أعمال-سودانيون-يوق
https://www.swissinfo.ch/ara/تجارة-الذهب-في-السودان-تزدهر-في-الحرب-وتمرّ-عبر-الإمارات/89073572
https://www.alhurra.com/sudan/2024/09/21/نيويورك-تايمز-الإمارات-تؤدي-لعبة-مزدوجة-قاتلة-في-السودان
https://emiratiaffairs.com/news/view/9203
https://www.noonpost.com/35039
https://web.facebook.com/EmiratesLovesSUDAN/reels
https://www.facebook.com/share/p/1AjNo6TGEu

