التّطبيقاتُ في هاتفي تحتاجُ إلى التّحديث، فأرجعتُ تاريخَ الهاتفِ إلى ما قبل يوم ١٥ ديسمبر، لتعملَ دون حاجةٍ إلى ذلك. تنهدتُ وتمنّيتُ لو أنَّ يومَ الجمعة ١٥ ديسمبر لم يأتِ، ولو أنَّ الحربَ لا تأتي، أو أنَّ مدينتي لم تسقط.
أستمعُ لأغنية (لغة الشوارع)، وأتذكَّرُ فيلمي الذي لم يكتمل، والفُرَصَ التي تسرَّبتْ من بينِ أصابعي كالماء. فأُردِّدُ مع الفرقة:
“لَمّا طوالي يوماتي تِكْبَرَا منِّي حاجاتي…
مَتَى حظي يُصالِحني، وتُنجِدني ابتهالاتي”
في طريقِ نُزوحِنا إلى القرية، رأينا الجشعَ واستغلالَ الظروف من السائقِ الذي كان يقلُّنا؛ أرادَ مرّةً أن يُنزلَنا في منتصف الطريق بعد أن تحرَّك، ثم أصرّ على زيادة المال ليتحرّك بنا!
وفي كلّ مرةٍ كان يَختَرِعُ مشكلةً ويفتعلُها ليأخذ المزيد.
كلفتنا الرحلة ٩٠٠ ألف، وفي الوضع الطبيعي لا تتجاوز ٥٠ ألفًا. لكنها الحرب.
أهلُ القريةِ كرامٌ لطفاء؛ رحّبوا بنا وأعطونا منزلًا مريحًا.
لم أشعر في حياتي بالامتنان كما أشعر الآن.
نُحاولُ التأقلم مع أجواءِ الريف.
عملي مع المنظمات، وفي السينما والتصوير، اضطرني للسفر والعيش في بيئاتٍ مختلفة، فلم أجد صعوبةً في التأقلم، أما إخوتي فيُعانون؛ لكنهم سيعتادون. فنحنُ في الأصل أبناءُ ريف.
لا وجودَ لمستشفياتٍ أو مراكزَ عنايةٍ صحيةٍ حيثُ نحن.
كل صباح، أتمنّى ألّا يَخذلَني جسدي، وأن يتناسى مرضي العضال حركاته الغادرة تلك؛ فلا نجاةَ هنا.
انقطعتُ عن الإنترنت لأيام، فهل كان ذلك الغريب يخوضُ حربًا لأجلي؟ لأجل الاطمئنان عليّ؟
كما في الرواياتِ والأفلام التي لطالما تأثرتُ بها، وأردتُ حياةً تُشبهها…
لطالما تمنيتُ لو أن حياتي (زيّ الأفلام)، وهي الآن كذلك، لكن ليست هذه الحياة التي كنتُ أقصدها، ولا هذه الأفلام.
أعودُ وأسألُ عن الغريب مرّةً أخرى، وأُوهِمُ نفسي أنّه يهتم.
فهذا ما أحتاجه الآن:
الكثير من الكذب على عقلي، وخداعه بأنّ هناك من يهتمّ لنجاتي، وقد يحزنه موتي!
لا شيء يُجدي نفعًا سوى الأمل، الذي أرجو أن لا ينقطع.
صوتُ الطائراتِ الحربية لم يُفارِقنا؛ نزحنا بعيدًا، ونزح معنا.
نسمعه منذ ساعات الصباح الأولى، وحتى المغيب.
تهتزُّ الأرضُ والأبوابُ والنوافذ، كلما رمت الطائرةُ برميلًا أو قذيفةً في الجهة الأخرى من النيل.
أتساءل: كيف حالُ الناس هناك؟ فالصوتُ مُرعِب.
لا وجودَ لشبكةِ الإنترنت، وصعوبةٌ بالغةٌ في الاتصالات.
ما يتركُنا للقلقِ والاحتمالات.
الانتظارُ صعبٌ ومُخيف؛
كلّما سمعنا صوتَ سيارة، ظننّا أنهم قادمون نحونا.
تُصرّ أمي على أن تضعَ لنا الحنّاء، كدلالةٍ على أننا متزوِّجات، خوفًا من أن يُغتَصَبْنَ أنا وأخواتي إذا ما اقتحمت المليشيات القرية.
أُخبِرها مرارًا أن ذلك لن يحدث، لكنها تُصرّ على أن تخضّب أيدينا وأرجلنا بالحنّاء.
اليومُ طويلٌ ومملٌّ ومليءٌ بالترقّبِ والخوف.
المجهولُ ينتظرُنا.
يُصِرُّ أهلي على عدمِ مغادرة البلاد، آملين أن تتوقف الحرب قريبًا.
أما أنا، فحيثُ يكون أهلي، أكون؛ لا أستطيع تحمُّلَ تركهم خلفي والسفر.
(نعيش ونموت سوا).
في صباحات القرية، أجلس تحتَ شجرة النيمِ في طرفِ الحوش، وأعزفُ على الناي ألحانًا تعلّمتُها بصعوبة، ثم كعادتي أُصوّر وأكتب عن كلّ ما حدث لنا في الحرب؛ رحلة نُزوحِنا ويوميّاتنا.
هي متعتي الوحيدة هنا.
وطبعًا الاستماعُ لأحاديث (كريمة)، ومُشاهدةُ فيلمي المُفضَّل:
The Double Life of Veronique
الرِّحلة:
١٦ أبريل: بداية الحرب في الخرطوم.
١٩ مايو: نُزُوحي من الخرطوم إلى مسقط رأسي بمدينة ود مدني.
١٥ ديسمبر: بداية الهجوم على ود مدني.
١٦ ديسمبر: النُّزوح الأول إلى بركات جنوب الجزيرة.
١٧ ديسمبر: “الانتصار الكاذب” والعودة إلى المدينة حيث بيتنا.
١٨ ديسمبر: سقوط المدينة والنزوح الثاني إلى سنار.
١٩ ديسمبر: النّزوح الثالث إلى القرية ليلاً.
ثم ماذا؟
٢٠ ديسمبر:
يوم التعرّف على أهلِ القرية، والمرحّبين بنا.
حاولتُ أن أنسى كلّ ما عِشتُه بالحديث معهم،
لكن لا حديثَ هنا سوى الحرب، ولا ذِكرَ إلا لأخبارها.
فلا أنسى.
٢١ ديسمبر:
أشعرُ بالغرابة، بالتّوهان، والضّياع.
٢٢ ديسمبر:
اليومُ يضيقُ صدري وأفقدُ الأمل.
فلا شعورَ ثابت في هذه الأوضاع.
ما معنى أن تموتَ الأحلام؟
أسأل نفسي وقد توقّف فيلمي هناك، عند بوابة الحرب.
٢٣ ديسمبر:
يمرُّ الوقتُ ببطءٍ شديد… أم هو الانتظار؟
تقول أمي إننا هنا منذ ثلاثة أيام،
لكنها تبدو لي كأسبوعين على أقل تقدير.
كل يومٍ يمرّ هو يوم نجونا فيه،
وكلُّ يومٍ قادم، هو يومٌ نتمنى أن ننجو منه.
٢٤ ديسمبر:
علمنا اليوم أن بيتنا قد نُهب، ثم صار مقرًّا للقنّاصة لعلوّه.
لكن تتضاربُ الروايات!
على كلّ حال، هذه المرّة الثانية التي أفقدُ فيها بيتًا بسبب الحرب.
لكن فقدان بيت أهلي، أوجعني أكثر من فقدان منزلي.
فلقد شهدتُ بنيانَه منذ البداية، مع أمي وأبي،
لأنني كُنتُ الكبرى بين إخوتي.
رأيتُ التّعب والعمل، لنكون ما كنّا عليه.
الآن لا نملك شيئًا… سوى نحن.
٢٥ ديسمبر:
أتذكّر دموعَ أخي وانهياره لحظةَ فراقنا يوم سقوط المدينة،
عندما قرّرنا أن نفترق؛
ننزحُ نحن البنات مع أمي إلى مكان،
ويَنزحُ أبي وأخي وصديقي إلى مكان آخر.
لكنه لم يَقدر على الرّحيل، فعادوا إلينا.
وقرّرنا النزوحَ معًا، مهما كانت الظروف، وقد كان.
نحن الآن معًا، لكن فارقنا صديقي،
الذي لا يعلم شيئًا عنّا بسبب صعوبة الاتصالات.
لكننا علمنا اليوم صباحًا أنه في أوغندا.
ما يُريح قلبي أن كلابي وقطي رافقوني في رحلة نزُوحي للمرة الثانية.
لكن ما يقلقني… ما الذي سيحدث لنا بعد هذا؟
٢٦ ديسمبر:
أخواتي يستمعنَ إلى قارئة الفنجان.
وما أن يُغنّي العندليب:
“فطريقُكِ مسدودٌ مسدود”
يضحكنَ بصوتٍ عالٍ، ويَقُلن: كأنّه يصف حالنا!
المُضحك المبكي!
منذ أيام وأنا أعاني من رئتي،
لم أعد أستطيع التنفس جيدًا.
بسبب مرضي الذي يبدو أنه أثّر على رئتي من جديد.
لا يوجد علاجٌ أو مستشفى حيثُ نحن!
أخرجتُ من حقيبتي بخاخَ الصدر،
الذي أعلم أن تاريخه انتهى منذ شهرين.
لكنني تغاضيتُ عن الأمر… واستخدمتُه.
حسنًا، أنا الآن بخير.
كانت مزحةً ثقيلة من جهاز مناعتي، المتمرِّدِ عليّ.
قلت لنفسي:
نخافُ الموت… لكن يبدو أنه هو الحل.
قَطَعَ تفكيري عودةُ الكهرباء بعد سبعةِ أيام.
فاستقبلناها بالزغاريد والغناء.
وهذا أمرٌ يستحقُّ الاحتفالَ في وضعِنا هذا.
٢٧ ديسمبر:
منذ أيام بدأت تظهر على كلابي أعراضُ المرض.
لا أعلم ما بهم، ولا أستطيع معالجتَهم.
أتساءل: هل ستنجو الكلاب؟
أفزعُ لمجرد التفكير أني قد أفقد إحداهن.
لا أملكُ سوى علبةٍ من أقراصِ مكملاتٍ غذائية،
اشتريتُها في آخرِ زيارة لنا إلى العيادة البيطرية.
آملُ أن تُفيد.
فقد أصابتهنّ الحُمّى، ويرفضن الطعام.
٢٨ ديسمبر:
هنا… أولُ ما أفكر فيه عند الاستيقاظ:
الحرب… وأنت!
أسمع صوتك يتردد في ذهني،
متجاهلةً صوتَ الطائراتِ الحربية،
وصوتَ عجلاتِ السيارات،
التي باتت نذيرَ شُؤم.
فكلّما اقتربت سيارةٌ من القرية، ظنَنّاها “هم”.
٢٩ ديسمبر:
أتمنّى:
أن أنامَ دون أن أَحلُم بالحرب.
ألا أرى منزلي يُنهب، ودمي يُنزف، في كابوس.
أن أنظر إلى السماء دون أن أتخيّلَ النجوم نيرانًا.
ألا أُشبِه صوتَ الرياحِ بصوتِ المدافع.
ألا أُفزع من صوتِ إطاراتِ السيارات.
وأن أَحيا… بسلام.
٣٠ ديسمبر:
الكهرباء منقطعةٌ منذ ثلاثة أيام.
إنّ الصّمتَ في ليلِ القرية مُخيفٌ
أكثرَ من أصواتِ المدافع والقذائف،
التي نسمعها صباحًا من الجهة الغربية للنيل.
٣١ ديسمبر:
اليوم نهايةُ السنة،
لكن لا يهم.
لطالما تساءلت: لماذا ينتابني شعورٌ غير مريح
كلما رأيتُ كلمة (النهاية) مكتوبة
في آخر أيّ فيلمٍ أحببتُه؟
الآن فقط فهمتُ معنى النهايات.
الآن فقط، عرفتُ لماذا كان يتخللني ذلك الشعور السّخيف.
١ يناير:
في الأوّل من يناير، رأيتُ شِهابًا.
أغمضتُ عيني، وتمنيتُ أمنيتين:
أن تتوقف الحرب،
وأن نلتقي.
يُقال إن سنةً جديدة قد بدأت،
لكن ما جدوى السنين… إن لم نَعِشْها؟
٢ يناير:
هنا، ليلًا، كلُّ الأصوات تُشبه الحرب:
الشجر، الرياح، الحيوانات، حتى الصمت!
أما داخل رأسي، فلا أسمع إلا أصواتَ مدافعَ وطائراتٍ حربية.
بل أحيانًا، أشعر أن الأرض تحتي… تهتزّ!
٣ يناير:
كلّما جلستُ أُحصي سنينَ عمري،
وأُذكّرُ نفسي أن شبابي قد ضاع،
أُطمئنني: كلّ شيء على ما يُرام.
ولكل بدايةٍ… نهاية.
لكن، هل كل شيءٍ بالفعل على ما يُرام؟
أم أنني اعتدتُ الشقاء؟
٤ يناير:
في الصباح، وجدنا عقربًا.
قتلها أخي.
كانت المرة الأولى التي أرى فيها عقربًا بهذا الحجم.
لكن المُبهجَ في اليوم أن كلابي بدأت تستعيد عافيتَها؛
خفَّت الحُمّى، وتناولنَ الطعام.
واشتغل الإنترنتُ بصورةٍ جيدة، لأول مرة منذ خمسة عشر يومًا.
يبدو أنه… يومُ الأخبار السعيدة.
ولكن…
الحربُ مؤلمة،
وعدمُ سؤال الأحبّاء عنّا… خيبة.
فتحتُ صندوق رسائلي بعد غياب،
لكن من بين كلّ الذين كنتُ أنتظرهم وأشتاقهم،
لم يسألْ أحد.
أما هو… فلم يفتح حتى رسائلي القديمة.
٥ يناير:
لا شيء يُذكَر…
سوى خيباتي، وانتظارك،
وانقطاع التيار الكهربائي من جديد.
٦ يناير:
“الدنيا أيّامٌ معدودات…
سَمحة فيها الطِّيبة والمَدَى
ونَدمان الما أَدَّى…”
كانت هذه كلماتٍ حكيمة من قصصٍ تحكيها لنا (كريمة)، جارتنا،
والتي كانت بالفعل كريمةً في محبتها وعطائها اللامحدود.
كلّ حديثٍ لكريمة هو حكمة.
فأتعلم منها عن الحياة، وعن إنسان الريف، أشياءَ كنت أجهلها.
وأصبحتُ في كل زيارةٍ صباحيةٍ لها،
أتمنى لو أن كريمة لا تُفارِق مكانَها،
وتظلّ تروي لنا الحكايا التي لا أملّها.
٧-٨-٩ يناير:
لا شيء يُذكَر!
زيارةُ الجارات لنا، وحديثُهُنَّ المعتادُ عن أخبار الحرب،
وأصواتُ المدافع التي صارت أقوى… وأقرب.
١٠ يناير:
أُشغّل أغانٍ لا أسمعها في أيّامي العادية،
لكنّ كلّ صوتٍ لا يُشبه صوت الحرب يُطربني.
فأرقصُ عليها كما لو أنني لم أسمع صوتَ الرصاص يومًا،
أو كما لو أنّها… رقصتي الأخيرة.
١١ يناير:
وجدنا عقربًا أكبر من التي سبقتها.
قتلتها أختي التي كانت تخاف أن تقتل نملة!
يبدو أن ما عشناه جعلها أقوى.
ففهمتْ أن في الحياةِ خوفًا أكبر، اسمه: الحرب.
سمُّه أقوى من سمّ عقرب… أو حِمض نملة.
١٢ يناير:
تذكّرتُ سؤال والدي، وأنا في الثانوية:
“ماذا تُريدين أن تكوني؟”
ليملأ استمارة القبول بتخصص يناسب رغباتي.
قلتُ له: لا أعلم…
لكنّ كلّ ما أعرفه أني لا أريد أن أكون مجرّد رقمٍ في سجلّ الوفيات والمواليد.
الآن، في كلّ يومٍ يمرّ من هذه الحرب،
أشعر أنني قد لا أكون حتى رقمًا.
١٣ يناير:
تمرّ الأيامُ ببطء، كما لو أنّنا هنا منذ أشهر.
اليومُ مملّ، رتيب.
نُكرّر نفس الأشياء كلّ يوم.
الشيء الوحيد الذي يتغيّر هو مشاعرُنا،
بين يومٍ تملؤه الحيرة،
ويومٍ يتخلله الفرح،
وأيّامٍ يسيطر عليها الانتظارُ والترقّب.
علّهم يتفقون… وتتوقف الحرب… فنعود لديارنا.
رغم أنني أحببتُ العيش في القرية،
وأحببتُ ناسها الطيّبين،
لكنني أحنّ إلى بيتنا في ود مدني… وبيتي في الخرطوم.
١٤ يناير:
كيف للإنسان أن يحلم بغدٍ أفضل،
رغم كلّ هذا الألم، والخذلان؟
ثمّ تذكّرتُ الستّ أم كلثوم وهي تغنّي:
“وغدًا نَنسى، فلا نأسى على ماضٍ تَولّى…”
١٥ يناير:
أستيقظ كلّ صباح على نباح كلبتي،
التي لم تألف الأصواتَ هنا بعد؛
صوتُ أقدام الأطفال المسرعين إلى مركز تحفيظ القرآن،
وصوت الأغنام والخراف،
وصفيرُ الراعي وهو يَهُشُّهم بعصاه نحو المرعى،
وصوتُ حوافر الحمير وهي تنقلُ المزارعين،
وصوتُ الجارات وهنّ يُصَبِّحنَ على بعضهنّ،
في عادةٍ لا تنقطع.
لكن هناك صوتٌ جديد وغريب،
يسمعه أهل القرية كلّ صباحٍ منذ مجيئنا،
وهو صوتي، وأنا أصرخ على كلبتي من شباك الغرفة:
“كُفّي عن النباح… دعيني أكمل نومي!”
١٦ يناير:
اليوم، زارنا ابنُ (كريمة) البكر،
الذي هو في عُمر أخي الأصغر.
كان خفيفَ الظلّ، حلوَ الكلام.
يبدو أن (كريمة) أورثته حلاوةَ لسانها وحكمتها.
جلستُ أسمعه بإمعان، كطفلةٍ تستمعُ إلى حكاية ما قبل النوم.
تمنّيتُ لو يزورنا كلّ يوم،
فأصبح صباحي بحكايا كريمة، وأمسي بخفّة ظله.
علِّي… أنسى همّي.
١٧ يناير:
اليوم، عادت الطائراتُ لتحلق فوقنا،
بعد غيابٍ دام يومين.
ظننتُهم قد ضلّوا الطريق، لكنهم عادوا!
وأصبحت أصواتُ الانفجارات أقوى،
تهتزُّ الأرض… ونثبت نحن.
١٨ يناير:
أستيقظ كلّ صباح، أنظر حولي،
أبحث عن حياتي التي فقدتُها بعد الحرب،
وأتمنّى لو أني… كنتُ أحلم.
أتساءل: ما وضعي الآن؟
هل أنا مُحارِبة؟
أم ناجية؟
وكيف أكون ناجية… وما زال الخطر قريبًا!
أنادي بصوتٍ عالٍ:
“أوقفوا الحرب!”
لكن لا يسمعني أحد.
وللقصاصات بقية…

