النظرية النسوية من الهامش إلى المركز/ بيل هوكس 

الثورة النسوّية : التنميّة من خلال النضال 

ترجمة : عُنَّاب علمان 

اليوم يستطيع أي شخص التحدُث عن الثورة النسوية، معتقدين أن الثورة قد تحدث بكل بساطة وسرعة. الناشطات النسويات المناضلات شعرن أن الطفرات الكبيرة من النشاط – الإحتجاج والتنظيم ورفع الوعي – التي تميزت بها الحركة النسوية المعاصرة في بواكيرها هي كل ما يتطلبه الأمر لإقامة نظام اجتماعي جديد. على الرغم من أن النسويات الراديكاليات يدركن دائمًا أنه يجب تغيير المجتمع إذا ما أردن القضاء على الاضطهاد الجنسي، إلا أن النجاحات النسوية كانت في مجال الإصلاحات بشكل رئيسي، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى جهود ورؤى الجماعات الراديكالية مثل Bread and Roses وCombahee River Collective، إلخ . وقد ساعدت هذه الإصلاحات العديد من النساء على تحقيق خطوات كبيرة نحو المساواة الإجتماعية مع الرجال في عدد من المجالات داخل النظام الأبوي الحالي القائم على تفوق الرجل، لكن هذه الإصلاحات لم تتوافق مع إنخفاض الإستغلال و/أو الضغط القائم على أساس النوع الاجتماعي.

فلا زالت القيم والافتراضات الجنسية السائدة على حالها، وكان من السهل على المناهضين للنسوية المحافظين سياسيًا تقويض الإصلاحات النسوية. ويرى العديد من التقدميين سياسيًا في انتقادهم للحركة النسوية بأن الاندفاع نحو الإصلاحات يؤدي إلى نتائج عكسية. كتبت ساندرا هاردينغ مجادلةً لصالح الإصلاحات كمرحلة من مراحل العملية الثورية في مقالها “النسوية: الإصلاح أم الثورة”، ” قد يكون في ذهن الإصلاحيين هدف بعيد المدى، وهو ما يشبه صورة لمجتمع جديد. حتى تملأ تلك الإصلاحات الصورة شيئًا فشيء. ويمكن ملء بعض الأجزاء بمشاكل قليلة نسبيًا (مثل المساواة في الأجر عن العمل المتساوي)، بينما لا يمكن ملء أجزاء أخرى إلا بصعوبة كبيرة (مثل المساواة في الحصول على كل الوظائف). ولكن سواء كانت تلك الصعوبات كبيرة أم صغيرة، فهناك دائمًا سابقة في المجتمع – في مكان ما – لكل نوع من أنواع التغيير، والتغييرات الوحيدة المطلوبة هي تلك التي تملأ صورة المجتمع الجديد المنشود. وهكذا في نهاية سلسلة طويلة من التغييرات الكمية الصغيرة، يكون كل شيء قد تغير تدريجيًا بحيثُ يصبح النظام كله مختلفًا تمامًا. وفي هذا النموذج البديل قد تتشكل سلسلة من الإصلاحات ثورة.

الإصلاحات من الممكن أن تكون جزء حيوي من الحركة نحو الثورة لكن ما يهم حقًا هو نوع هذه الإصلاحات التي تم الشروع فيها. فالتركيز النسوي على الإصلاحات الرامية إلى تحسين الوضع الاجتماعي للمرأة في إطار الهيكل الإجتماعي القائم سمح للنساء والرجال بأن يغفلوا عن الحاجة إلى إحداث تحولات كاملة في المجتمع. على سبيل المثال، حولت حملة ERA قدرًا كبيرًا من الأموال والموارد البشرية نحو جهود الإصلاح التي كان ينبغي أن تكون حملة سياسية ضخمة لبناء دائرة انتخابية نسوية. كان من شأن هذه الدائرة الإنتخابية أن تضمن نجاح قانون الحقوق الاقتصادية للمرأة. لكن لسوء الحظ، لم يتم الشروع في الإصلاحات الثورية التي كانت ستغير حياتهن إلى الأفضل. وبدلًا من ذلك، كانت النساء المشاركات في الإصلاحات النسوية تميل إلى التفكير بشكل أقل في تغيير المجتمع وأكثر في الكفاح من أجل المساواة الجندرية.

الكثير من النشاطات الراديكاليات في الحركة النسوية اللواتي لم يكن من المهتمات بالحصول على عدالة إجتماعية في بنية إطار الهيكل الإجتماعي إخترن مهاجمة السلوك الاستغلالي والقمعي المتحيز ضد المرأة، وقمن بتصنيف الرجال على أنهم الأشرار، “العدو”، و ركزوا إهتمامهن على فضح “الشر” الذكوري. ومن الأمثلة على ذلك نقد المواد الإباحية والهجوم عليها. من الواضح أن المواد الإباحية تروج لإهانة المرأة والتمييز الجنسي والعنف الجنسي. ومن الواضح أيضًا أن التنديدات التي لا تنتهي بالمواد الإباحية لا تثمر كثيرًا إذا لم يكن هناك تركيز أكبر على تغيير المجتمع وبالتالي تغيير الجنسانية. هذا النضال الأكثر أهمية لم يتم الإهتمام به بجدية من قبل الحركة النسوية. لقد طغى التركيز على “الرجال” و “السلوك الذكوري” على التركيز على تطوير النساء لأنفسهن سياسيًا حتى يتمكنّ من البدء في إجراء التحولات الثقافية التي من شأنها أن تُمهد الطريق لإقامة نظام اجتماعي جديد. لقد تركز الكثير من التوعية النسوية في مساعدة النساء على فهم طبيعة التحيز الجندري في الحياة الشخصية، خاصة فيما يتعلق بالهيمنة الذكورية. وفي حين أن هذه مهمة ضرورية، إلا أنها ليست المهمة الوحيدة لرفع الوعي.

رفع الوعي النسوي لم يدفع النساء بشكل كبير في إتجاه السياسة الثورية، وفي معظم الأحيان، لم يساعد النساء على فهم الرأسمالية: كيف تعمل الرأسمالية كنظام يستغل عمل المرأة وعلاقاتها المتبادلة مع الاضطهاد الجنسي؟ و عند بحث النساء في التعرف على الأنظمة السياسية المختلفة مثل الاشتراكية أو تشجيع النساء على إبتكار وتصور أنظمة سياسية جديدة، ولم يهاجم النزعة المادية وإدمان مجتمعنا على الإستهلاك المفرط ولم يّظهر للنساء كيف يستفدن من استغلال واضطهاد النساء والرجال على مستوى العالم أو يبيّن لنا طرقًا لمعارضة الإمبريالية. والأهم من ذلك أن رفع الوعي النسوي لم يوجّه النساء بإستمرار لفهم أن الحركة النسوية لإنهاء الإضطهاد الجندري لا يمكن أن تنجح إلا إذا كنا ملتزمين بالثورة، و بإقامة نظام اجتماعي جديد.

يتم إنشاء أنظمة اجتماعية جديدة بشكل تدريجي. وهذا أمر يصعب على الأفراد في الولايات المتحدة تقبله. لقد تم تنشئتنا إجتماعيًا على الإعتقاد بأن الثورات دائمًا ما تتسم بالعنف الشديد بين المظلومين و معارضيهم أو أن الثورات تحدُث بسرعة. لقد تعلمنا أيضًا أن نتوق إلى الإشباع الفوري لرغباتنا والاستجابة السريعة لمطالبنا. ومثل كل حركة تحرر أخرى في هذا المجتمع، عانت الحركة النسوية لأن هذه المواقف تمنع المشاركين/ات فيها من تشكيل نوع من الالتزام بالنضال المطوّل الذي يجعل الثورة ممكنة. ونتيجة لذلك، لم تحافظ الحركة النسوية على زخمها الثوري. لقد كان تمردًا ناجحًا. إبان الفرق بين التمرد والثورة، يؤكد كل من غريس وجيمس بوغز، أن التمرد هو مرحلة من مراحل تطور الثورة، لكنه ليس ثورة،  إنها مرحلة مهمة لأنها تمثل “الوقوف” أي تأكيد المضطهدين/ات لإنسانيتهن/ات. فالثورة تُعلِّم المظلومين والجميع بأن الوضع أصبح لا يُطاق، و هي تؤسس شكلاً من أشكال التواصل بين المظلومين أنفسهم، وفي الوقت نفسه تفتح أعين وآذان الناس الذين كانوا عميانًا وصمًا عن مصير مواطنيهم. إن التمردات تقطع الخيوط التي كانت تحافظ على تماسك النظام وتضع شرعية المؤسسات القائمة وديمومتها المفترضة موضع تساؤل. هي تزعزع القيم القديمة بحيثُ؛ من غير المرجح أن تعود العلاقات بين الأفراد وبين المجموعات داخل المجتمع إلى سابق عهدها. لقد انقطع القصور الذاتي للمجتمع، و فقط من خلال فهم ما يحققه التمرد يمكننا أن نرى حدوده. فالتمرد يعطل المجتمع، لكنه لا يقدم ما هو ضروري لتأسيس نظام اجتماعي جديد.

وعلى الرغم من نجاح التمرد النسوي إلا أنه لم ولن يؤدي إلى مزيد من التطور الثوري. فعلى الصعيد الداخلي، يعوق تقدمها الناشطات النسويات اللاتي لا يشعرن أن الحركة موجودة من أجل النهوض بجميع النساء والرجال، و يعتقدن أنها موجودة للنهوض بأفراد، ويهددهن الآراء والأفكار التي تختلف عن الأيديولوجية النسوية السائدة، ويسعين إلى إبطال الأصوات المعارضة و إسكاتها، ولا يعترفن بضرورة مواصلة الجهد لخلق أيديولوجية تحررية. هؤلاء النسوة يقاومن  الجهود المبذولة لفحص الأيديولوجية النسوية السائدة فحصًا نقديًا و يرفضن الاعتراف بمحدوديتها. وعلى الصعيد الخارجي، يتعرقل تقدم الحركة النسوية بسبب النشاط المنظم المناهض للحركة النسوية وبسبب اللامبالاة السياسية التي تعاني منها جماهير النساء والرجال الذين لا يعرفون جيدًا أيًّا من جانبي القضية بما يكفي لاتخاذ موقف.

لتجاوز مرحلة التمرد النسوي وتخطي المأزق الذي يميز الحركة النسوية المعاصرة، يجب على النساء الاعتراف بالحاجة إلى إعادة التنظيم. دون أن نرفض الأبعاد الإيجابية للحركة النسوية حتى هذه المرحلة، علينا أن نقبل أنه لم تكن هناك إستراتيجية من جانب المنظمين والمشاركين النسويين لبناء وعي جماهيري بالحاجة إلى الحركة النسوية من خلال التثقيف السياسي.  هناك حاجة إلى مثل هذه الإستراتيجية إذا ما أردنا للحركة النسوية أن تكون حركة سياسية تؤثر على المجتمع ككل بطريقة ثورية وتحويلية. علينا أيضًا أن نواجه حقيقة أن العديد من المعضلات التي تواجه الحركة النسوية اليوم خلقتها النساء البرجوازيات اللاتي شكلن الحركة بطرق تخدم مصالحهن الطبقية الانتهازية. يجب أن نعمل الآن على تغيير اتجاهها حتى ترى النساء من جميع الطبقات أن مصلحتهن في إنهاء الاضطهاد الجندري تخدم الحركة النسوية. إن الإعتراف بأن البرجوازيين الانتهازيين قد استغلوا الحركة النسوية لا يجب أن يُنظر إليه على أنه هجوم على جميع النساء البرجوازيات ، فهناك نساء برجوازيات فرادى يتبرأن من الامتيازات الطبقية، وهن برجوازيات تقدميات سياسيًا، وقدمن أو يقدمن أو مستعدات لتقديم أنفسهن بطريقة ثورية من أجل النهوض بالحركة النسوية. إن إعادة تشكيل السياسة الطبقية للحركة النسوية هي الإستراتيجية التي ستقود النساء من جميع الطبقات للإنضمام إلى النضال النسوي.

لبناء حركة نسوية ذات قاعدة جماهيرية، نحتاج إلى أيديولوجية تحررية يمكن مشاركتها مع الجميع. لا يمكن خلق هذه الأيديولوجية الثورية إلا إذا تم  فهم تجارب الناس على الهامش الذين يعانون من الإضطهاد الجندري وغيره من أشكال الاضطهاد الجماعي ومعالجتها وإدماجها. يجب أن يشاركن في الحركة النسوية كصانعات للنظرية و كقائدات للعمل. 

لقد اكتفينا في الممارسة النسوية في الماضي بالاعتماد على أفراد عينوا أنفسهم بأنفسهم، وبعضهم أكثر إهتمامًا بممارسة السلطة والنفوذ من التواصل مع أشخاص من خلفيات ووجهات نظر سياسية مختلفة. مثل هؤلاء الأفراد لا يختارون أن يتعلموا من التجربة النسائية الجماعية، بل يفرضون أفكارهم وقيمهم الخاصة. هناك حاجة للقادة، وينبغي أن يكونوا أفرادًا يعترفون بعلاقتهم بالمجموعة ويكونون مسؤولين أمامها. يجب أن تكون لديهم القدرة على إظهار الحب والتعاطف، وأن يظهروا هذا الحب من خلال أفعالهم، وأن يكونوا قادرين على الدخول في حوار ناجح. هذا الحب، كما يقترح باولو فريري، يعمل على تغيير الهيمنة.

ومع ذلك، لا يمكن أن يوجد الحوار في غياب الحب العميق للعالم وللنساء والرجال. إن تسمية العالم، التي هي فعل خلق وإعادة خلق، غير ممكنة إذا لم تكن مشبعة بالحب. الحب هو في الوقت نفسه أساس الحوار والحوار نفسه. وبالتالي فهو بالضرورة مهمة الذوات المسؤولة ولا يمكن أن يوجد في علاقة هيمنة. تكشف الهيمنة عن أمراض الحب: السادية في المسيطر والماسوشية في المسيطر عليه. لأن الحب فعل شجاعة وليس فعل خوف، فالحب هو إلتزام تجاه الآخرين. ومهما كان المقموعين موجودين، فإن فعل الحب هو إلتزام بقضيتهم – قضية التحرر-  وهذا الالتزام، لأنه محبة، هو التزام حواري. 

يجب أن تبدأ النساء عمل إعادة التنظيم النسوي بفهم أننا جميعًا (بغض النظر عن عرقنا أو جنسنا أو طبقتنا) تصرفنا بالتواطؤ مع النظام القمعي القائم. نحتاج جميعًا إلى إحداث قطيعة واعية مع النظام. البعض منا يقوم بهذه القطيعة قبل الآخرين. إن التوافق الذي نمده لأنفسنا، والاعتراف بأن تغييرنا في الوعي والعمل كان عملية يجب أن تميز نهجنا تجاه أولئك الأفراد الذين لا يتمتعون بالوعي السياسي. لا يمكننا تحفيزهم على الإنضمام إلى النضال النسوي من خلال تأكيد التفوق السياسي الذي يجعل من الحركة مجرد تراتبية قمعية أخرى.

قبل أن نتمكن من مخاطبة الجماهير، يجب أن نستعيد إهتمام ودعم ومشاركة العديد من النساء اللواتي كنّ ناشطات في الحركة النسوية في يوم من الأيام ثم تركن الحركة بعد ذلك خائبات الأمل. تخلت الكثير من النساء عن الحركة النسوية لأنهن لا يستطعن دعم أفكار أقلية صغيرة من النساء اللاتي يسيطرن على الخطاب النسوي المهيمن – أي تطوير النظرية التي توجه الممارسة – عدد كبير جدًا من النساء اللاتي لديهن روابط رعاية مع الرجال انصرفن عن الحركة النسوية لأنهن يشعرن أن تعريف “الرجل كعدو” هو نموذج غير بناء. الكثير من النساء توقفن عن دعم النضال النسوي لأن الأيديولوجية كانت دوغمائية ومطلقة و منغلقة للغاية. الكثير من النساء تركن الحركة النسوية لأنهن صُنّفن على أنهن “العدو”. يحسن بالناشطات النسويات أن ينتبهن إلى كلمات سوزان غريفين عندما تذكرنا في مقالها “طريق كل الأيديولوجيات” لأن المعرفة السياسية العميقة بالعالم لا تؤدي إلى خلق عدو. في الواقع، إن خلق وحوش غير مرهونة بالظروف هو نسيان الرؤية السياسية التي تفسر قبل كل شيء السلوك على أنه نابع من الظروف، رؤية تؤمن بالقدرة التي ولدت لدى جميع البشر على الخلق والفرح واللطف، في طبيعة إنسانية يمكن أن تزدهر في ظل الظروف المناسبة.

عندما تستلهم الحركة من أجل أن تحرر نفسها بشكل رئيسي من كراهية العدو وليس من رؤية الإمكانية هذه، فإنها تبدأ في هزيمة نفسها. تتوقف مفاهيمها ذاتها عن أن تكون شافية. على الرغم من أنها تعلن عن نفسها لصالح التحرر، إلا أن لغتها لم تعد ليبرالية. تبدأ في طلب رقابة داخل نفسها. تصبح أفكارها عن الحقيقة ضيقة أكثر فأكثر. والحركة التي بدأت باستحضار مؤثر للحقيقة تبدأ في الظهور بمظهر الإحتيال من الخارج، وتبدأ في عكس كل ما تقول إنها تعارضه، لأنها الآن هي أيضًا مضطهدة لبعض الحقائق، وتتحدث عن نفسها، وتبدأ، مثل المضطهدين القدامى، في الإختباء من نفسها و من أجل إستعادة قوة الحياة الثورية للحركة النسوية، يجب على النساء والرجال البدء في إعادة التفكير وإعادة تشكيل اتجاهها. بينما يجب علينا أن ندرك ونعترف ونقدر أهمية التمرد النسوي والنساء (والرجال) الذين قاموا به، يجب أن نكون على إستعداد للنقد وإعادة النظر والبدء في العمل النسوي من جديد، وهي مهمة صعبة لأننا نفتقر إلى مقدمات تاريخية. هناك طرق عديدة لصنع الثورة،  يمكن أن تبدأ الثورات وعادة ما تبدأ بالإطاحة العنيفة بالبنية السياسية القائمة. 

يعلم النساء والرجال الملتزمون بالنضال النسوي، في الولايات المتحدة أننا نفوق خصومنا في القوة، وأنهم لا يملكون فقط إمكانية الوصول إلى كل أنواع الأسلحة التي عرفتها البشرية، بل لديهم الوعي المكتسب للقيام بالعنف وقبوله، وكذلك المهارة في إدامته. لذلك، لا يمكن أن يكون هذا هو أساس الثورة النسوية في هذا المجتمع. يجب أن يكون تركيزنا على التحول الثقافي: تدمير الثنائية، والقضاء على أنظمة الهيمنة. سيكون نضالنا تدريجيًا وطويل الأمد. إن أي جهد للقيام بثورة نسوية هنا يمكن أن يساعده مثال النضالات التحررية التي تقودها الشعوب المضطهدة في العالم التي تقاوم قوى هائلة.

إن تشكيل رؤية معارضة للعالم أمر ضروري للنضال النسوي، وهذا يعني أن العالم الذي نعرفه بشكل حميمي، العالم الذي نشعر فيه “بالأمان” (حتى لو كانت هذه المشاعر مبنية على أوهام) يجب أن يتغير بشكل جذري. ربما كانت معرفة أن الجميع يجب أن يتغير، وليس فقط أولئك الذين نسميهم أعداء أو مضطهدين، هي التي عملت حتى الآن على كبح اندفاعاتنا الثورية. هذه الدوافع الثورية يجب أن تغذي نظريتنا وممارستنا بحرية إذا ما أردنا للحركة النسوية لإنهاء القمع القائم أن تتقدم، وإذا ما أردنا تغيير واقعنا الحالي.

استكشاف المزيد

الحلقة التاسعة والاخيرة: رسائل مفتوحة لنشطاء ما بيعرفوني، لكن بيقرّفوني

الرسالة الأولى: “عزيزي الناشط المؤثر في كل المنصات… والمختفي في كل الميادين” يا أخوي، ما مشكلتي إنك نشط.مشكلتي إنك ممثل.بتنزل صورك وأنت بتوزع مساعدات، وما بتذكر اسم الزولة الشغّالة من الفجر بتطبخ.بتكتب: “دعمت مراكز إيواء”، لكنك ما قضيت يومًا واحدًا في مركز حقيقي. لو ما حاسي بالناس…خلِّي الفيسبوك وادخل إحدي

أكمل/ي القراءة

حين تكون الدورة الشهرية عبئاً إضافياً في الحرب…

“نسوان الخرطوم، بس البرمن قروشهن في الحمام..”كان هذا تعليق إحدى الشابات في احدى القرى عندما رأت فتاة تشتري علبة فوط صحية من بقالة الحي… هذا التعليق ليس جهلا، وإنما نتيجة عقود ممتدة من تجاهل أهمية الصحة الجنسية والإنجابية في السودان، وحصر الخدمات في تنظيم الأسرة وحملات النظافة الشخصية، ليس من

أكمل/ي القراءة