كَألوانِ الطَّيف

الخرطومُ هي سمائي؛ الناس، النيل، الأماكن، التجارب، البداياتُ والنهاياتُ.

كانوا ضوءًا ومطرًا، شَكَّلوا ألواني وحالاتي، فكنتُ أنا غيمةً، عُصفورةً أو فَراشةً، وألوانَ طيف.

الخرطومُ هي الأمسياتُ التي لم أَحضُرْها، والخُطى التي لم أَمشِها، والحكاياتُ التي لم أسمَعْها، والذكرياتُ التي لم أَعِشْها.

هي التناقضاتُ؛ شَكّي ويقيني، ضِحكةُ صديقتي إيمان، وبيتُ شيماء.

هي وجوهُ السوقِ العربي، حيث عرفتُ أن الابتسامةَ أجملُ ما في الوجوه؛

تُرى، كم وجهٍ منهم غابَ بسبب الحرب؟ وكم وجهٍ عَبَس؟ وكم وجهٍ شَحَب؟ وأيُّ رأسٍ شابَ؟!

هي من علّمتني معنى أن يكون للإنسانِ قضية، وكيف تُحبُّ الأوطان.

فكنتُ: الثورةَ، الاعتصامَ، رائحةَ الدم في ليلةِ الثامنِ من رمضان، والأملَ في العيونِ في الثلاثين من يونيو.

هي خُطواتي إلى الجامعة، ممسكةً بيدِ رفيقتي أريج في شارع الستين، وأحاديثَ أستاذي عصام.

هي خُطواتي بوزنِ سبعةٍ وخمسين كيلوجرامًا، وحتى التسعين، أو أكثر.

جِئتُها ابنةَ السادسةَ عشرة، وخرجتُ منها في الثلاثين.

أتخيلُها فتاةً تُشبهني، بطولِ ١٧٣ سنتيمترًا، نحيلةً، بعينين عَكِرَتين، ووجهٍ حادِّ الملامح، تملؤُه الحبوب؛

صنيعةَ الآخرين، والتجارب، والظنون.

لا تعلمُ ماذا تريد، لكنها تُردِّد:

سلمية سلمية، ضد الحرامية

سلمية سلمية

ضد من سرقوا بيتي، ذكرياتي، أحلامي، وحياتي

سلمية

سلمية

الجمعة، الثاني من فبراير، الرابعة صباحًا؛ حيثُ نَزَحت.

#مذكرات_نازحة

استكشاف المزيد

الحلقة التاسعة والاخيرة: رسائل مفتوحة لنشطاء ما بيعرفوني، لكن بيقرّفوني

الرسالة الأولى: “عزيزي الناشط المؤثر في كل المنصات… والمختفي في كل الميادين” يا أخوي، ما مشكلتي إنك نشط.مشكلتي إنك ممثل.بتنزل صورك وأنت بتوزع مساعدات، وما بتذكر اسم الزولة الشغّالة من الفجر بتطبخ.بتكتب: “دعمت مراكز إيواء”، لكنك ما قضيت يومًا واحدًا في مركز حقيقي. لو ما حاسي بالناس…خلِّي الفيسبوك وادخل إحدي

أكمل/ي القراءة

حين تكون الدورة الشهرية عبئاً إضافياً في الحرب…

“نسوان الخرطوم، بس البرمن قروشهن في الحمام..”كان هذا تعليق إحدى الشابات في احدى القرى عندما رأت فتاة تشتري علبة فوط صحية من بقالة الحي… هذا التعليق ليس جهلا، وإنما نتيجة عقود ممتدة من تجاهل أهمية الصحة الجنسية والإنجابية في السودان، وحصر الخدمات في تنظيم الأسرة وحملات النظافة الشخصية، ليس من

أكمل/ي القراءة