“توثيق مساهمة الناشطات و النساء المدافعات عن حقوق الإنسان في غرف الطوارئ والمجموعات القاعدية بعد حرب 15 أبريل 2023 في السودان.”
عام وعدة أشهر مرّت على اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل 2023 في السودان، نتيجة مخيبة لنضالات السودانيات والسودانيين وسعيهم الحثيث نحو ديمقراطية تنادوا وعملوا لأجلها منذ نيل البلاد للاستقلال منتصف القرن الماضي، خمسة سنوات على اندلاع ثورة ديسمبر بالعام 2019 ضد حكم نظام حزب المؤتمر الوطني، فاشية عسكرية دينية حكمت البلاد لثلاثين عام.
غيض من فيض تاريخ مبذول، تغيب عنه بذات كثافة التأريخ والتداول قصص نضالات السودانيات، منذ ارتقت التاية ابو عاقلة أول شهيدة للحراك الطلابي المناهض لانقلاب الجبهة الاسلامية، سارة عبد الباقي شهيدة هبة سبتمبر 2013 التي اغتيلت وهي تطبطب ضحية أخرى لبطش الدولة ، وست النفور التي كبلها البشير وأهلها وانتصرت فاردتها رصاصة خلال احتجاجها على انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر في العام 2021 بمدينة بحري بالخرطوم، وصولا لهذه الحرب حيث غادرتنا مبكرًا بسبب وعورة طرق السفر وحمى الملاريا رؤيا حسن، الكاتبة والباحثة النسوية في تقاطعيات القهر التي تكالبت على السودانيات والسودانيين، مهجة عبدالله التي اغتيلت بسبب توثيقها للعنف الجنسي ضد نساء دارفور، حليمة ادريس التي دهسها تاتشر ميليشات الجنجويد خلال تغطيتها لوقائع الاحتلال بامدرمان، سهام مصطفى المغدورة رميًا بالرصاص وهي تحاول حماية نفسها وأسرتها من الاغتصاب عندما اقتحمت الميليشيا دارهم، وتقوى ابراهيم التي نزحت باستمرار هربًا من حرب أصرّت أن تحصد روحها، قتلتها الحرب وانعدام الأوكسجين، اخطأت انقطاع نفسها بفراق الخرطوم وناجت أمها في لحظاتها الأخيرة “أمي بموت، رجعيني بيتنا، رجعيني الخرطوم”.
لم تدخر السودانيات على اختلاف خلفياتهن وتباين مظالمهن وامتيازاتهن جهدًا لتحقيق العدالة، تظاهرن واعتصمن ورفعن اللافتات “النساء المغتصبات يطالبن بمعاقبة الجنجويد عاجلًا” قطعن الفيافي الترع والأودية مشيا خفيفات من كل شي إلا الاطفال وبعض الحقائب ليصن حقهن في حياة كريمة وبعض الأحيا في الحياة نفسها, واجهن فيما واجهت البلاد التطهير العرقي والتهجيروفض الاعتصامات والتنكيل بالتظاهرات وخصتهن الأنظمة القمعية بالاغتصابات في جبل مون وتابت حتى شارع القصر بالخرطوم العاصمة عندما تظاهرن بالتاسع عشر من ديسمبر إبان انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر بالعام 2021 ، مظالم لم تُحصى بعده يسهل أن تغفل عنها عين الامتياز دون البحث الجاد وتقر بها وتتعاضد لردها النسويات السودانيات ومنها الشعار “ما حقك إنت براك، حقك والجاية وراك “.
العنف ضد السودانيات وجه قبيح لهذه البلاد النازفة تتضافر في توليده وحراسته اقتصادها وسياستها وأديانها وأعرافها ونسيجها الاجتماعي. منذ تأسيس حركة نون النسوية بدايات العام 2019 قررنا أن نبذل امتيازنا لتضخيم وتوثيق أصوات أخريات أخرسن وأبعدن ولم يمتلكن المنبر أو الكلمة لدفع الظلم أو وصفه بالأقل, عرفنا حق المعرفة أن نجاتنا جماعية وكيّفنا عملنا على ادراك ارتباط مصائرنا ووحدة نضالنا المبنية على ذلك.
لست أشهر عمل فريق البحث والتوثيق في الحركة على مشروع توثيق مساهمة الناشطات و النساء المدافعات عن حقوق الإنسان في غرف الطوارئ و المجموعات القاعدية في سياق حرب 15 أبريل 2023 بالسودان.
هدف المشروع لتوثيق تجارب المدافعات السودانيات عن حقوق الإنسان منذ اندلاع حرب ال15 من ابريل 2023 والمستمرة حتى الان، رصد التجارب والتحديات التي واجهتها المدافعات عن حقوق الإنسان السودانيات والناشطات من مجتمعات التعددية الجنسية والجندرية، لللاحتفاء بإنجازاتهن وتزويدهن بالدعم والتضامن المستحقات تجاه عملهن وصمودهن، يقد المشروع كذلك مادة تحليلية مبنية على الوقائع تعزز المناصرة الفعالة واتخاذ الإجراءات القانونية ضد مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، ترفع مستوى الوعي حول الأوضاع في السودان لحشد الدعم الدولي والدفع بالجهود الإنسانية للاستجابة.
الورقة بالكامل متوفرة للقراءة باللغتين العربية والانجليزية.
