كما هو حال البلاد بالعموم لم تنعم الصحافة السودانية إلا بديمقراطيات قصيرة حاولت عبرها تطوير الممارسة الصحفية ولكن سرعان ما كان الطريق يُقطع بانقلاب عسكري يرتد على ما تم تحقيقه من مكتسبات. كما الانتقالية الأخيرة التي شهدت فيها الحريات الصحفية نقلة نسبية مقارنة بعهود صُنف فيها السودان حسب وكالة مراقبة حقوق الإنسان كمكان خطر على الصحفيات والصحفيين، تجدّد التهديد عقب انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الذي تراجع وضع الحريات الصحفية فيه لحد كبير على إثر قطع شبكة الانترنت الذي هدد الحق الدستوري للجميع بالوصول للمعلومة وتداولها.
عبر هذه المقالة نحاول طرق أحد أبواب العمل الصحفي وطرح الأسئلة الصحيحة لللبحث عن إجابات فيما يخص تغطية انتهاكات العنف المبني على النوع الاجتماعي كأحد أوسع أشكال العنف في البلاد ليس فقط لتحقيق الضغط السياسي اللازم للاستجابة للانتهاكات ولكن لتوثيقه سعيًا لعدالة مرجوّة.
يحكي برعي محمد وهو باحث وصحفي قام ويقوم بالعديد من تغطيات العنف القائم على النوع الإجتماعي تجربته مع مؤسسة عالمية ألزمته حسب سياساتها التحريرية توفير تسجيل صوتي مع الناجي/ة وشاهدين على الضرر الذي أصاب الناجي/ة مع اسمه واسم والدته، حيث كان يعمل على توثيق انتهاك ضد محتجز قسريا لدى ميليشات الدعم السريع لسبعين يوم أيام قال برعي: كان جسده يحكي قصص التعذيب، كان هنالك آثار طلق ناري في رجله وتشوهات من آثار الضرب تملأ جسده.
ذكر برعي أن الناجي كان منفتحًا على الحكي وكذلك الشاهدين الذين رافقاه للمستشفى بعد الإفراج عنه، حتى سُئل عن اسم والدته فرفض التوثيق الانتهاك بسبب أنه لا يريد اقحام والدته في هذه القصة. يرى برعي محمد أن السياسات والاشتراطات التحريرية للمؤسسات الصحفية قد تكون عائقًا أمام توثيق الكثير من القصص بسبب عدم استجابتها لمراعاة السياق، وأن على الصحفي التفكير مليًا قبل اختيار المؤسسة التي سيتعاون معها.
“يرى برعي محمد غيابًا لمجهودات تحليل الخطاب والتجارب ككل تركز على كيفية تأثير عوامل مختلفة كالسياسات والتوجهات المؤسسية في شكل الخطاب والتي تؤكد على الانقسامات الاستراتيجية السياسية على مدار الحرب غير أن الصور الإخبارية للنساء الفارات من الصراع والمتأثرات بالانتهاكات على سبيل المثال تعمل على استدامة نمط مجرد من الإنسانية يُعزز لتجسيد المتأثر بصريا على أنه تهديد أمني، غير قابل للاندماج ومعتمد على الآخرين. يظن برعي محمد أن من أسباب التغطية بطريقة مماثلة هي الاختلافات على تصور الدور الصحفي في أنظمة الإعلام المسيس والتسيس المتزايد لوسائل الإعلام في اوقات الحروب والتهديدات الممارسة ضد الصحفيات والصحفيين والمؤسسات الإعلامية والتي خلقت سياسات قد تكون مجحفة أحيانًا في التغطية وتثير مخاوف بشأن التنوع التمثيلي داخل الاخبار” وأضاف: نعاني كذلك مع ندرة المصادر عبر وسائل الإعلام في الأخبار وفي السياق السوداني وان وجدت فهي موالية بشكل فج لطرف دون الأطراف الأخرى وهو اتجاه واضح في بعض التقارير والإفادات التي توثق لانتهاكات العنف المبني على النوع الاجتماعي التي أدت الى حريف المنظور العام وبالتالي عدم توفر وجهات نظر وتفسيرات متنوّعة للجمهور.
راشد عبد الوهاب صحفي مهتم بتغطية قضايا النوع الاجتماعي أن يرى أن جزءًا من الحل يكمن في تصميم برامج تدريبية مخصصة للصحافة لان معظم البرامج التي تتبناها مؤسسات خدمة مدنية لا تطوّر أدوات الصحافة لدى المتدربات/ين بما في ذلك اللغة وحساسيتها، أضاف: تضافر مؤسسات بحثية وصحفية قد يخرج بمناهج تدريس لا تهمل النواحي التطبيقية، فمعظم الأوراق البحثية مكانها أصبح أدراج المؤسسات، أضاف راشد ايضا: لا يمكننا الحديث عن توازن خطاب من دون أن نتطرق للتمثيل النسائي داخل غرف الأخبار في المواقع القيادية فتقديم الخبر من زاوية واحدة لا يكسبه حجمه الطبيعي، إن المتحكم في جودة وضبط حساسية لغة التقارير والتغطيات هم العنصر الرجالي كمحررين وأن الصحفيات أنفسهن تحت وطأة عنف اقتصادي مبني على النوع الاجتماعي يتمثل في اقصائهن من المواقع الإدارية وعدم إتاحة فرص كافية للتدريب.
لبنى عبد الله صحفيه مهتمه باوضاع صحفيات السودانيات وهي إحدى المبادرات في خطة حماية الصحفيات ومن مؤسِسات “كيان الصحفيات” السودانيات المعني بدعم صحفيات ومحاولة توفير التدريب والمساندة القانونية خاصة الصحفيات في مدخل الخدمة قالت لبنى : إن تغطية انتهاكات العنف القائم على النوع الاجتماعي محدودة خصوصًا في فترات الحرب لأنها فترة تفتقر فيها الصحفيات والصحفيين الحماية القانونية وتتزايد فيها الانتهاك ضدهن/م، وان معظم التغطيات يكون تناولها لقضايا النوع الاجتماعي سلبي، لا تراعي حساسية اللغة وتخدم التنميط في أغلب الأحيان ورأت أن تدريب الصحفيات والصحفيين في مدخل الخدمة وتخصيص صفحات لقضايا النوع الاجتماعي حل مناسب.
إيمان فضل صحفية تعمل في سكرتارية مكتب الحريات بنقابة الصحفيين قالت أن الصحافة السودانية حاولت تغطية انتهاكات العنف المبني على النوع الاجتماعي بشكل كبير ولكن مركزية المؤسسات الصحفية ربما أهملت قضايا النوع الاجتماعي في أرياف ومدن السودان البعيدة من ولاية الخرطوم وذلك يرجع لفقر المؤسسات اقتصاديا في أحيان كثيرة او انفصالها عن مجتمعاتها وعدم وجود رؤية واضحة لتغطية تلك الانتهاكات يتبعها تدريب موجه ومشروعات وخطط استراتيجية تعالج تلك القضايا، شددت إيمان على خصوصية انتهاكات العنف المبني على النوع الاجتماعي وعدم معالجتها ككافة القضايا، بل لابد من رؤية محددة تتشاركها أكثر من مؤسسة من نقابات ومجتمع مدني ومراكز بحثية وصحف محلية وحتى عالميه تكون شاملة وواضحة التوجه لكنها ترى أن التغطيات تفتقر لتلك الرؤية الكلية ولذلك النتائج الحالية غير مرضية تماما، أضافت أنها تعوّل على دور المؤسسات في وضع خطة تدريب وتمليك للأدوات الصحفية وأجندة واضحة تربطها برؤية كلية تخدم تغطيات انتهاكات العنف المبني على النوع الاجتماعي والعمل أيضًا على المطالبة بسن قوانين تحمي حريات الصحفيين حيث أن الصحفيات والصحفيين عانوا من قوانين تفرض رقابة عليهم وتكمم أفواههم مما خلق رقابة ذاتية هي واحدة من عوائق تغطيات قضايا النوع الاجتماعي. ختمت حديثها بأنه ما زال هناك أمل في العمل على إصلاح كل ذلك والتمتع بالحريات الصحفية التي تخدم مختلف القضايا خاصة قضايا النوع الاجتماعي وبالتالي تخدم دولة المواطنة والقانون.
أميرة صحفية مهتمة بتوثيق انتهاكات العنف المبني على النوع الاجتماعي ترى أن جرائم الاعتداء الجنسي المبني على النوع المرتبط بالصراع المسلح من أهم المواضيع وأصعبها على صعيد التغطيات الصحفية حيث أن صحفيين غير مدربين على مثل هذه التغطيات كما أن صمت الناجيات يحول دون التغطيات والتوثيق للكثير من الجرائم وهذا يرجع لأسباب ثقافية ووعي المجتمع بضرورة الكلام عن تلك الجرائم وفضحها. كما أن التركيز على شكل وبيانات المعتدي وطريقة الحدث نفسه معدوم في معظم التغطيات المرتبطة بانتهاكات العنف المبني على النوع الاجتماعي؛ حيث يتم التركيز الدائم على الضحية نفسها وأحيانا بلغة غير حساسة في التغطية نفسها.
يقول أستاذ فيصل الباقر أن التغطية الصحفية لقضايا النوع الإجتماعي والانتهاكات المرتبطة به، تحتاج لمعارف مرتبطة بالحساسية الصحفية “الحقوق إنسانية”، و”الجندرية”، وهذه واحدة من اهتمامات (صحفيون لحقوق الإنسان – جهر – السودان)، لأنّ (جهر) منظمة صحفية حقوقية قد ظلّت منذ تأسيسها في العام (2000)، تُعنى بنشر ثقافة حقوق الإنسان، في أوساط الصحفيين والصحفيات، تعمل على تمكين الصحفيين والصحفيات للوعي بأهمية امتلاك حساسية صحفية فى تغطية هذه القضايا من منظور صحافة حقوق الإنسان. هناك مسألة استخدام المصطلحات، فى التغطيات الصحفية للعنف القائم على النوع الإجتماعي، وهنا لا بّدّ من استخدام مصطلحات حساسة، مثلاً كثير من التقارير الصحفية فى الصحافة السودانية، تستخدم عبارة أو كلمة “الضحية”، والاصوب استخدام عبارة/ كلمة “الناجي” و”الناجية”، لأنّ مصطلح “ضحية” فيه “وصمة”، وهو لفظ “يحمل مدلولات “سالبة”، بينما عبارة “ناجي” و”ناجية”، يتضمّن القدرة على “الصمود”. الأفضل أن نكتب (قصة ناجية)، بدلاً عن (قصة ضحية).. هناك أيضاً مسألة “أنسنة” القصة الخبرية، وهذه هى رسالة صحافة حقوق الإنسان.
فى التغطية الصحفية، مطلوب “الدقة” والموضوعية”، وهنا نعني فى صحافة حقوق الإنسان، وفى الموضوعية، يجب عدم إصدار الاحكام، وهذا يعني عدم ذكر التفاصيل التى يمكن ان تؤدّى إلى إلقاء اللوم على “الناجين” و”الناجيات” من العنف، أو التحرش، أو الإعتداءات الجنسية. وهناك “العدالة” لأنّ مبدأ العدالة يأتي فى مقدمة (الأخلاقيات الصحفية) و(الصحافة الأخلاقية)، وهنا يجب على الصحفي/ة توخّي الإنصاف والعدل، الذين تُجري المقابلات الصحفية معهم/ن.. وهناك مبدأ حماية المصادر المعرضة للخطر. وضرورة أخذ “الموافقة المستنيرة” أي أن يكون الشخص الذي تجرى معه المقابلة الصحفية، مدركاً، بكل تفاصيل التقارير والقصص الصحفية وعواقب نشرها، وهنا لا بدّ من إبلاغهم/ن بالمخاطر المحتملة، من عواقب النشر والظهور فى وسائل الإعلام، ويأتي ذلك، بعد تمكينهم/ن من التفكير وتحديد موقفهم/ن بشأن قبول إجراء المقابلة الصحفية،أو رفضها، وبعد أن يقدم لهم/ن الصحفيون والصحفيات المعلومات والحقائق الكاملة عن القصة الصحفية المزمع نشرها. هناك أيضاً مسألة مهمة جدّاً، وهي (احترام الخصوصية) أي إحترام وتعزيز خصوصية الناجين والناجيات من الانتهاكات المرتبطة بالنوع الاجتماعي، والعنف الناتج عنها، وكذلك الأمر بالنسبة لعائلاتهم/ن، والانتباه إلى عدم ذكر تفاصيل يمكن أن يجمعها القراء أو المُتابعون، أو المُنتهكون أنفسهم، فيكشفوا عبرها هوية الناجي/ة .. وهناك حساسية اللغة المستخدمة فى القصة الخبرية، بإختيار كلمات وعبارات مناسبة، تراعي الوضع الذى وُضع/ت فيه ” الناجي/ة” والإنتباه لعدم إعادته/ا إلى دائرة “الصدمة” والتجربة المؤلمة، ويجب أن يدرك الصحفيون والصحفيات أنّ التغطية الصحفية للانتهاكات المرتبطة بالنوع الاجتماعي، تلقي على من يتصدى لها من الصحفيين والصحفيات، الإبتعاد عن “الإثارة” و”الوصم” وتوضيح الفعل كانتهاك لحقوق الإنسان، وهنا لا بّدّ أن نذكّر ونؤكّد على عدم الإيذاء وعدم إلحاق الضرر بالناجين والناجيات وكل من يدلون بشهاداتهم/ن، بناءاً على مبدأ حماية المصادر، وتقييم المخاطر. هذا التقديم أجده ضرورياً، للحكم على الصحافة السودانية فى مسألة التغطية الصحفية للانتهاكات المرتبطة بالنوع الاجتماعي، ونستطيع أن نقول: حينما تتمكن أو تنجح الصحافة السودانية في تناول القصص الخبرية، من هذا المنظور ، يمكن أن نقول أنّها صحافة مهنية، عدا ذلك فستبقي “صحافة مُنتهِكة”، ولهذا، فإننا فى (صحفيون لحقوق الإنسان – جهر – السودان) نعمل بكل ما نملك من طاقة، وإمكانيات “رغم شحها”، فى تدريب الصحفيين والصحفيات على هذه المعارف المرتبطة بأخلاقيات الصحافة، و”الصحافة الأخلاقية” بقدرما نستطيع، ونستطيع أن نقول أننا نحاول أن نفتح “نفاجات” للمعرفة بصحافة حقوق الإنسان، والتى تسعى لأنسنة القصة الخبرية، وأن تكون الصحافة السودانية صحافة عالية المهنية، وحساسة تجاه قضايا النوع الإجتماعي، والتمييز المبني على النوع الإجتماعي، وتغطية الإنتهاكات المرتبطة بالنوع الإجتماعي، وأن يمتلك الصحفيون والصحفيات حساسية عالية فى تغطية النزاع المسلح، وفى مناهضة خطاب الكراهية، والأخبار والمعلومات المضطربة والمضللة والخاطئة، كما فى التاكُّد من دقة المحتوى الخبري، والبحث المضني عن الحقيقة، لانّ الصحافة هى مهنة البحث عن الحقيقة.
لماذا نجندر العنف في الحرب؟
نعلم الثمن الباهظ المركب والمعقد للانتهاكات الممنهجة التي تقع على النساء، ونعلم أيضًا أن العنف الممنهج عليهن هو أداة لتفكيك مجتمعاتهن وإذلال الأسر و الرجال و أداة للتهجير القسري كذلك وطلب الفدى. استجابةً للعنف الممنهج اُنتجت أدوات للتعايش مع العنف والمعنفين لتخفيف الضرر، مثل تزويج الفتيات لأفراد من ميليشيا الدعم السريع لتقليل الضرر ومحاولات النهب و الاغتصاب والاختطاف التي قد تحدث. خدمة الجنود في التسكين والتموين والإعاشة وتحمل تبعات العنف المتوقع والغير متوقع لتقليل المخاطر. والمجازفة المستمرة باستهدافهم بتهم التعاون مع المتمردين في حالة مغادرتهم لمناطقهم أو رجوعها لسيطرة قوات الجيش. أحد أشرس تمظهرات العنف الجنسي الممنهج في الحرب أعادت للأذهان عصور أسواق النخاسة، التي ظهرت كحالة بعد حوالي أربعة أشهر من اندلاع الحرب، حينما اختطف قوات الدعم السريع فتيات من الخرطوم لواحدة من ولايات دارفور و قرروا بيعهن، إلى أن تدخل الأهالي و دفعوا فِدىً تقارب الـ 20 ألف دولار لإطلاق سراحهن.
المعنف ليس جنديًا فقط..
سببت السيولة الأمنية والاختناق الاقتصادي اللتان جعلتا من الاستنفار و زيادة وقود القوة البشرية للحرب واحدة من الوظائف التي قد تدر مصدرا للدخل على حسب الطرف العسكري القادر ماديا، و تفادي العقاب و الوصمة المجتمعية التي تحدث في المدن الحضرية تفاقم العنف المنزلي وتصاعدت وتيرة جرائم كالاغتصاب الزوجي، واغتصاب النساء و الفتيات و الطفلات النازحات في معسكرات الايواء، أو النازحات منهن و العاملات في خدمة المنازل و المزارعات.
عبر العمل في وحدة التوثيق في حركة نون النسويّة نصّبنا النساء في القواعد هن البوصلة لنسويتنا، عبر العمل الجماعي نحاول أن نوّثق ونشارك في فهم ما يجري، لملء فجوة كوننا لا نعلم عن السابقات، وكيف أغفلت المعالجات النخبوية قصصهن وسردياتهن. كالأميرة مندي ابنة السلطان عجبنا من جبال النوبة التي رافقت والدها في حربه ضد الاستعمار في 1917 وصغيرها مربوط إلى ظهرها حاملةً البندقية لثلاثة أشهر، واصلت القتال حتى بعد أن أصيب ابنها بطلقة أردته قتيلا. مندي التي ضمدت الجراح و طبخت الطعام في ساحة المعركة، كانت معركة شعب جبال النوبة ضد الاستعمار التي لم تنتهي لليوم بطريقة أو بأخرى. ونحن مهمومات بحكايات النساء في القواعد، نتذكّر تمرير قانون إجازة اليوم الصحي في البرلمان، أول إضراب نسائي في أفريقيا في الخمسينيات من أجل المساواة في قوانين العمل.
ويغيب عنّا ذاكرة نضال أوائل المعتقلات في عهد الجبهة الإسلامية بعد انقلابهم المشؤوم، النساء والنقابات الأولى، قصص تصدّي ومعاناة النساء عبر مجاعة 1988 ، شهيدات ال15 من أبريل، الناجيات من اغتصاب جماعي والأفكار التي دارت في ذهن 13 فتاة قتلن أنفسهن في الجزيرة خوفا من التعرّض للاغتصاب من ميليشيا الدعم السريع ، حكايات الأسر والحرية المشوّهة بعدها، تجاربهن كأسيرات داخل المعسكرات، مقاومتهن و” ايد تهدهد في الحياة و إيد تجهجه للجراح”. نقاوم بالتذكير والتذكّر و السرد و مشاركة المساحة لسماع التجارب. علّمنا عملنا في التوثيق هيكلية التناسي لخبرات وتجارب النساء، مررنا بصعوبات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة حتى جاءت الحرب .والتي نقلت التناسي لمستوى الاخراس والتغييب الممنهج أصبحت بعض المناطق محاصرة ومعزولة، أخرى قُطعت عنها الاتصالات، خلال عملهن تعرضت جامعات البيانات لحوادث نهب مسلح وخشين على حياتهن، مشت إحداهن مسافة 45 دقيقة لإيجاد شبكة، قصف الطيران سوقًا فيه وصول للمواطنين لانترنت الفضائي -استار لينك-، تم القبض على إحداهن بسبب كسر حظر الطوارئ، ولا يسمح لهن بالدخول لمعسكرات الإيواء إلا بإصدار تصاريح أمنية باجراءات. وكأن أصوات النساء ووجودهن أكبر مهدد للدولة، نعتقد أن تهديد تجارب النساء يكمن في تقديمها للحقيقة دون تحيزات، تجارب النساء تحاكم السلطة، تشعرها بالخجل من عدم استيفاء شروط العقد الأبوي.